لا بد وأنك حين ترى كلبًا من كلاب الشيتزو يتبادر إلى ذهنك كم هو كلبًا لطيفًا يثير البهجة والرغبة في اللعب معه ومداعبته.
وإن تلك السلالة من الكلاب صغيرة الحجم منسدلة الفراء على وجهها تشبه الدمى ولا تزيد عن كونها إحدى كلاب الزينة.
ولا تصلح للحراسة وليس لها دورًا سوى الصحبة والتسلية نظرًا لتكوينها الجسماني وطبيعة شخصيتها.
إلا أن المدهش أن تاريخ تلك السلالة عميقًا للغاية ويمتد إلى نحو ثلاث آلاف عام وكانت وقتها أكثر من مجرد كلاب للزينة.
فقد كان لها دورًا هامًا في تاريخ الصين القديم والتبت حيث نشأت.
الأصل التاريخي
بما أن تاريخ هذه السلالة بالغ القدم فالمعلومات عن نشأتها يشبها بعض الغموض.
بلد المنشأ وأصل السلالة
تعود جذور السلالة إلى نحو ألف عام قبل الميلاد في هضبة التبت حيث عاشت في الأديرة مع الرهبان.
فهذه السلالة يرجح أنها نتيجة تزاوج نوعي “Lhasa Apso” التبتية وسلالة “Pekingese” والتي سميت على اسم العاصمة الصينية بكين موطنها الأصلي.
مكانة تاريخية عاشت فيها مدللة
ما إن بدأت هذه السلالة في الظهور حتى أصبحت ذات مكانة مقدسة لدى كهنة التبت وعاشت بين أرجاء معابدهم تشارك في حمايتهم.
فهي وإن كانت كلاب لطيفة غير عدوانية إلا أنها كانت تنبههم لقدوم الغرباء، حيث أنها تنبح بصوت قوي عند رؤيتها لأشخاص غير معتادة على وجودهم.
انتقل هذا النوع من الكلاب من التبت إلى الصين حين أهداه الملك التبتي لإمبراطور الصين.
ومنذ ذلك الوقت حازت تلك السلالة على مكانة رفيعة في الصين ويحظر تداولها أو تربيتها خارج أسوار القصر الملكي.
وكانت الإمبراطورة الأم “Cixi“ التي سيطرت على الحكم في الصين ما يقرب من خمسين عام مسئولة بشكل مباشر عن الثلاث سلالات الملكية من الكلاب.
والتي كان احدها كلاب الشيتزو ما يدل على المكانة التي وصلت لها هذه السلالة.
محطات تاريخية في حياتها
لم تستمر المكانة التي حظيت بها هذه السلالة، فعلى مدار حياتها مرت بمراحل عديدة وتناقضات كثيرة.
فبعد وفاة الإمبراطورة “Cixi” التي تنتمي إلى أسرة “تشينج” آخر الأسر الحاكمة في إمبراطورية الصين.
عانت سلالات الكلاب الملكية من إهمال، واختفت مآوي الكلاب التي ولتها الإمبراطورة الراحلة عناية فائقة.
وبعد اندلاع الثورة الصينية الشيوعية ازداد الأمر سوءًا لها، فالثورة ازدرت كل ما له علاقة بالإمبراطورية السابقة والرأسمالية.
وكانت بالنسبة للشيوعيين إحدى هذه الرموز، فعانت من الإهمال والنفور واختفت تقريبا من جميع أنحاء البلاد.
محاولة إنقاذ ما تبقى منها
يذكر الباحثون أن خلال تلك الحقبة كل ماتبقى منها هو سبعة أزواج فقط، ويعود لهم الفضل في بقاء هذه السلالة حتى الآن.
وصولها إلى إنجلترا
بعد سقوط الامبراطورية الصينية التي كانت تحظر تصديرها خارج البلاد، وبعد الإهمال والتهميش الذي تعرضت له السلالات الملكية بعد اندلاع الثورة الشيوعية في الصين.
أصبح خروجها من الصين أسهل بكثير عن ذي قبل، فانتقلت بعضها إلى انجلترا في ثلاثينات القرن الماضي.
في البداية أعتبرها نادي بيت الكلاب الإنجليزي كنوع من أنواع كلاب “Lhasa Apso”.
سرعان ما أدركوا أنها سلالة مختلفة، فتم تأسيس نادي الشيتزو في عام 1934، وتم الاعتراف بالسلالة رسميًا في إنجلترا في الأربعينيات.
انتشار السلالة في الولايات المتحدة ووصولها للعالمية
بعد انتشارها في انجلترا انتقلت منها بعد ذلك بسهولة إلى جميع أنحاء أوروبا وتم اقتنائها من قِبل الأُسر الراقية.
ومن ثم قابلها الجنود الأمريكيين أثناء تواجدهم في أوروبا وقت الحرب العالمية الثانية.
فأثارت إعجابهم بروحها المرحة وشكلها اللطيف واندماجها مع أصحابها وارتباطها بهم فاصطحبوها معهم عند العودة إلى وطنهم.
حين ظهور السلالة في الولايات المتحدة أُعجب الأمريكيين بها إعجابا كبيرا ولاقت قبول بين الأفراد والأسر على حد سواء.
فقاموا بتدريبها وإشراكها في مسابقات الكلاب الرياضية التي برعت فيها نظرًا لمرونة جسدها وخفته.
وسرعان ما انتشرت السلالة في أرجاء الولايات المتحدة، وصارت رفيقًا لكثير من الأُسر.
اعترف بها نادي بيت الكلاب الأمريكي رسميا عام 1969.
ومنذ ذلك الحين انتشرت السلالة على مستوى العالم وأصبحت من أكثر السلالات شعبية ومن أكثرها تميزًا في مسابقات الكلاب.
المسميات المختلفة لكلب الشيتزو
الأسد الصغير
نبعت الديانة البوذية من الهند وكان للأسد رمزًا دينيًا هامًا في تعاليم البوذية وانتشرت هذه الديانة فيما بعد في الصين.
ولكن نظرًا لعدم تواجد الأسود بها فكان هذا النوع خير بديل لهذا الرمز الديني.
وأصبحت لسلالتها مكانة دينية ورمزًا لتجسد الإله حسب المعتقد البوذي.
كلب الصين النبيل
نظرًا للمكانة الدينية والاجتماعية التي حظيت بها أصبح تواجدها مقتصرا على طبقة الأمراء والنبلاء.
وكان تداولها محظورًا خارج هذا النطاق أو بين عامة الشعب وكذلك مُنِع تصديره خارج البلاد.
كلب الأقحوان
أطلقت هذه التسمية على هذا النوع من الكلاب بسبب التشابه بين وجهه وبين زهرة الأقحوان.
فالشكل الدائري لوجه هذا الكلب والفراء الكثيف والشعر المنسدل من أنفه أعطى هذا الإيحاء بالتشابه بينه وبين الزهرة
الخلاصة
تاريخ كلاب الشيتزو تاريخ طويل يمتد لآلاف السنين ومر خلال تلك الفترة بعدة مراحل:
التقديس وتمثيل الآلهة في التبت، المكانة المرموقة والتبجيل في الامبراطورية الصينية، ثم الإهمال في آخر عقود الامبراطورية والنفور والاحتقار بعد الثورة الشيوعية الصينية.
لكن بعد سقوط الامبراطورية الصينية نالت الإعجاب بشخصيتها وصفاتها وارتباطها بالأسرة والجو اللطيف الذي تضفيه عليها ومن ثم الانتشار في جميع أنحاء العالم.