اتسعت خلال السنوات الأخيرة مجالات البحث العلمي التطبيقي حول أهمية المملكة النباتية باعتبارها المصدر الذي لا ينضب للمركبات العضوية والبيولوجية ذات الأهمية الصيدلانية والدوائية، اذ أن كثيرا من الأمراض والإصابات البكتيرية والطفيلية يمكن علاجها بشكل مباشر بواسطة منتجات مستخلصة من النباتات الخضراء.
وقد اهتمت منظمة الصحة العالمية بموضوع النباتات الطبية حيث وضعت خطة شاملة من اجل تقييم الأمان وتطوير طب الأعشاب على المستوى والعالمي خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
وكشفت الابحاث العلمية بان النباتات الطبية يمكن ان تتداخل مع خصوبة الذكور من خلال دورها في تثبيط تكوين النطف الذكرية وإبادتها وتخثر السائل المنوي والتأثير على حيوية النطف الذكرية من خلال التأثير على الانزيمات الموجودة في رؤوسها وتقليل مستويات الهرمونات الجنسية الذكرية وهناك تأثيرات متنوعة على وظيفة وتركيب الغدد الملحقة بالجهاز التناسلي الذكري.
وتشمل تأثيرات النباتات الطبية على خصوبة الاناث تثبيط الاباضة ومنع الحمل من خلال منع انغراس الجنين في الرحم وحث الاجهاض وتحلل الجنين وحصول التشوهات الخلقية.
ويشار في هذا المجال إلى النتائج العلمية التي توصل اليها الباحثون في السنوات الاخيرة من أن حقن جرعة واحدة من زيت فول الصويا في اناث الفئران المختبرية البيضاء ادی الى تثبيط فعالية المبيض وإطالة الدورات الشبقية مما يوضح تأثيره على الهرمونات الجنسية الأنثوية وتقليل معدلات حصول الحمل وتقليل عدد الأجسام الصفراء المتولدة في المبايض بعد الاباضة اضافة الى اختزال وزن المشيمة.
ويعد زيت الخروع من المركبات القاتلة للأجنة وقد اشارت الابحاث العلمية الى ان عصارة نبات الحشيشة المخدر canabis sativa تسبب الاجهاض في ۲۷ ٪ من الجرذان المختبرية المحقونة اضافة الى التسبب بتشوهات في الهيكل العظمي والاحشاء الداخلية في الأجنة.
ويشار ايضا الى أن النباتات السامة تسبب الاجهاض وقتل الأجنة في الأغنام والحيوانات المختبرية. وان نبات فوة الصبغ Rubia Tinctorum يحتوي على مشتقات الانثراكينون القاتلة للأجنة وتستعمل العصارة اللبنية لنبات العشر Calatropis procera في الهند في قتل الاجنة وتحديد النسل.
وتعتبر مادة الكوسبول Gossypol المشتقة من بذور القطن من المواد المسببة للعقم الدائم عند الرجال وتسبب انقطاع الطمث لدى النساء. وفي ضوء الاهتمام العلمي بدراسة تأثيرات النباتات الطبية على خصوبة الحيوانات المختبرية في انحاء العالم، وفي ضوء قلة الابحاث العلمية في المنطقة العربية حول تأثير النباتات على الخصوبة فإننا ندعو الى ضرورة بلورة استراتيجية عربية في هذا القطاع من البحث العلمي لمعرفة تأثير المركبات البيولوجية المشتقة من النباتات الطبية على فسيولوجيا التكاثر والخصوبة، وذلك لوجود ثروات هائلة من النباتات الطبية في العالم العربي.
يمكن اعتبار هذا الاتجاه من البحث العلمي احد الاتجاهات التطبيقية في مسيرة البحث العلمي الأكاديمي مطلع القرن الجديد والذي يتكامل مع الاتجاهات العالمية واهتمام الانسان بموضوع الخصوبة وتحديد النسل.
أ.د. محمد حسن الحمود
مصدر الصورة
pixabay.com
