يتمثل الشلل الدماغي عند الأطفال بتلف جزئي او كلي للمنطقة المسؤولة عن الجهاز الحركي للجسم، وهذه الإصابة تعريفيا لا تزيد مع الوقت ولكن نتائجها وأعراضها على حركة الأطراف قد تزيد وتؤثر حتما على وظيفة الطفل الحركية خلال مراحل نموه، والأعراض الحركية للشلل الدماغي قد يصاحبها أحيانا أعراض أخرى مثل التخلف العقلي وصعوبة في الكلام مما يؤدي إلى صعوبة في التعلم.
السبب المباشر لتلف الدماغ في حالة الشلل الدماغي هو نقص ضخ الأكسجين الى الخلايا المسؤولة عن الجهاز الحركي ومن العوامل التي تؤدي الى نقص الاكسجين الولادة المبكرة والولادة المتعسرة والالتهابات الشديدة وخاصة التهابات السحايا والصرع وارتجاج الدماغ.
ومن اهم أعراض هذا الشلل الشد الانقباضي العضلي للأطراف وخاصة السفلية والعمود الفقري ويصاحب هذا الانقباض ضعف في بعض الحركات المعاكسة للحركة مثلا قد تكون العضلات المسؤولة عن في الركبة مشدودة ولكن العضلات المسؤولة عن مد الركبة ضعيفة أو اقل انقباضا مما يؤدي الى حالة انثناء الركبة في معظم الاوقات وخاصة عند المشي، ومن ناحية اخرى فان العضلات الاقل اصابة تنمو بشكل اسرع وتصبح اكثر طولا من العضلات الاخرى التي قد تعمل بالاتجاه المعاكس، وهذا نراه في معظم حالات الشلل الدماغي حيث يمشي الطفل على اصابع قدميه وركبته في حالة اثناء تقارب للفخذين وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى تشوه وعرج في المشي.
ومن المعروف أن أعراض الشلل الدماغية تظهر على حركة الطفل في معظم الحالات السنة الاولى من العمر عندما يبدأ الطفل بالمشي.
ان الخلايا الدماغية المسؤولة عن الحركة هي من أهم وادق الخلايا الدماغية واكثرها تشعبا ودقة ذلك لانها مسؤولة عن تنسيق حركة العضلات في الجسم وخاصة الاطراف لهذا فمن الصعب اعطاء التشخيص الدقيق لحالة الشلل الدماغي وخاصة لتفصيل مدى اصابة كل عضلة في الاطراف. ولقد تطور العلم في هذا المجال فبدلا من الفحص السريري في العيادة لمدة محدودة اصبح الان ممكنا فحص المريض بدقة ودراسة قوة وطبيعة كل عضلة في الاطراف باستخدام ما يسمى التحليل الحركي والذي
يتم عن طريق التصوير التلفزيوني بمساعدة الكمبيوتر يتم عن طريق جعل المريض يمشي في صالة محاطة بكاميرات تلفزيونية وكاميرات فوق الحمراء تأخذ المعلومات وتنقلها الى حيث يتم التحليل الكامل لوضع الطفل المصاب. وبناء عليه يتم تحديد المنطقة المصابة واجراء اللازم.
وكما ذكرنا فإن الشلل الدماغي ذاته في الدماغ لا يتطور ولكن اعراضه على الاطراف تزيد مع النمو ولهذا فإن علاج الطفل يبدأ مع ظهور الحالة، وأول اجراء هو العلاج الطبيعي المنتظم بجلسة او جلستين اسبوعيا ومع ذلك فان العلاج الطبيعي لا يغني المريض عن الاجراء الجراحي ولكن قد يؤخره او يقلل من تكراره.
ومن التطورات الحديثة في مجال معالجة اثار الشلل الدماغي على الاطراف الابر العضلية BOLILLUNS TOXINالتي تحقن في العضلات المشدودة بشكل دوري.
ويوجد بعض الحالات تستعصي على العلاج الطبيعي والإبرة العضلية وخاصة التي يتم تشخيصها متأخرا فحينها لا بد من اجراء جراحي. ومعظم الإجراءات الجراحية تتمثل بتطويل الأوتار والعضلات القريبة من المفاصل. ومن الطرق الحديثة والناجحة الان التدخل الجراحي الجزئي والذي يتم فيه تطويل الاوتار بدقة وبواسطة ثقوب جلد صغيرة حول الوتر المصاب وقد تحتاج حالة المريض لإجراء جراحي اكبر مثل تدوير عظمة الفخذ وغيرها وكذلك قد يحتاج المريض إلى أجهزة لتحسين حركته ونشاطه. ومن الامور المهمة لإتمام معالجة الأطفال المصابين بالشلل الدماغي هي المتابعة والتأهيل الدوري.
د. حاتم الرواشدة
استشاري جراحة العظام والكسور
وجراحة عظام الأطفال وتنظير المفاصل