1) الوظائف العقلية : تتأثر هذه الوظائف بالاكتئاب ويبدو ذلك في هيئة مميزة من البطء، وقلة الانتباه والسرحان، وعدم القدرة على التركيز، واختفاء سرعة البديهة والاستجابة الانفعالية ، وتتأثر أحيانا الذاكرة نظرا لصعوبة التركيز واستدعاء الماضي ويتخلل ذلك أعراض تردد في اتخاذ القرار، ارتباك في السلوك مما يفقد المريض التلقائية والبت في الأمور.
2) التفكير : تنتاب التفكير في الاكتئاب عدة اضطرابات أهمها :
الإجهاد الشديد عند التفكير بابسط الاشياء كان يقوم المريض بعمل بدني شاق. وتضخيم الامور البسيطة واجترار مضاعفاتها وتضخيم اتفه الاشياء كاستخدام المواصلات وتسديد الديون او الشهادة في المحكمة او الجلوس مع الاصدقاء وهكذا.
ومن العلامات المميزة للتفكير والخيال المستمر:
أ) الإحساس بتأنيب الضمير والشعور بالذنب واتهام النفس بالخطيئة، والتلوث الخلقي وتأخذ هذه الأعراض طابعا غير واقعي، فنجد السيدة البالغة من العمر خمسين عاما يؤرق ضميرها ابتسامتها لابن الجيران عندما كانت في سن السادسة عشرة، ويبدأ المريض في التنقيب والبحث في ماضيه لإيجاد سبب لإرضاء هذه النزعة من الشعور بالخطيئة او محاولة ايقاع التهم عليه، او اغراقه في قضايا اختلاس، او قضايا خلقية، وكثيرا ما يؤول المرض كله لهذا الذنب، ويجب الحرص في تصديق هذه المسببات التي هي نتيجة المرض واحد اعراضه و ليست سببه، ويدل ذلك على اختفائها تماما بعد الشفاء وسخرية المريض من اقواله السابقة.
ب) توهم العلل البدنية: وهي أكثر الأعراض شيوعا بل كثيرا ما يبدأ المرض بهذه الظاهرة مما يجعل المريض يتجه اتجاها خاطئا في العلاج ويتردد على الأطباء الباطنيين الذين يعاودون الكشف عليه مرارا او تكرارا دون اكتشاف سبب عضوي للالام مما يخيف المريض واحيانا الطبيب لعدم وجود اعراض مرض عضوى مطلقا ويحس المريض ان الاطباء لا يصدقونه ولا يستطيعون تشخيص مرضه، وبالطبع يغيب على الطبيب الباطنى في ذلك الوقت مرض الاكتئاب بل وعادة ما ينكر المريض اعراض الاكتئاب ويعزيها لعلله البدنية وانها اذا شفيت فسينتهى اكتئابه وهو لا يعلم ان هذه الالام بسبب الاكتئاب وليست سببه، وتأخذ هذه الاعراض طابعا مميزا مثل الصداع الدائم في اعلى الرأس والدوار، والطنين في الاذن وضيق التنفس وصعوبة الهضم وانتفاخ في البطن والام الساقين والذراعين الكتف والام في الشعر و يصبح المريض أسيرا للوظائف والآلام الجسمية وتزيد هذه الأعراض صباحا عنها في المساء.
ج) الشعور بعدم الاهمية والتقليل من قيمة الذات. واحتقار النفس ومن هنا تبدأ الاخطار الانتحارية ، مثل الرجل المسن الذي يكرر محاولات الانتحار يوميا لانه لا ابناءه وا انه عار عليهم وعبء ثقيل ومجال للسخرية، وبالرغم من احترام هؤلاء الابناء لابيهم الذي كافح لتربيتهم، واعطائه كافة الحقوق والاحترام الابوي ولكنه مرض الاكتئاب الذى جعله يتجه الى هذه الوسيلة السوداوية.
د) الضلالات والاعتقادات الخاطئة: يغلب على مريض الاكتئاب اعتقادات خاطئة عدمية وتعنى الإحساس بفقد او غياب احد أعضاء الجسم، و توقفه عن العمل فيشكو المريض ان راسه فارغ وان المخ اختفى او توقف عن العمل، و يدوام على المعاناة من فراغ صدره من الرئة، والقلب وانه أصبح في عداد الأموات وتنتشر اعتقادات خاطئة خاصة بالفقر والفشل والإفلاس دون اساس لهذه الاعتقادات، واحيانا تبدأ اعتقادات اضطهادية عند المريض يتم تدبيرها كمؤامرة له للخلاص منه وانه تحت المراقبة المستمرة وانهم يريدون إفلاسه وإعلان فقره وانه يستحق ذلك وعبثا مناقشته بعدم صحة هذه الاعتقادات.
3) اختلال الآنية والعالم الخارجي وفيها يحسب المريض بانه قد تغير وفقد شعوره بالمباهج السابقة وانه لا يشعر بالألم او السعادة ويبدأ بالنظر للمرآة مشدوها لما اصابه من تغير، ويتعجب لإحساسه بأنه على الرغم من يقينه ان هو ذاته الا انه يحس انه تغير في نظرته وسلوكه وسيره ( انا لست انا ) بل العالم حوله قد تغير وأصبح لا يعطيه نفس الاستجابة وانه غير حقيقي وينظر الى الحياة من خلال سحابة كثيفة معتمة.
4) الهلاوس والخداع : وتظهر أحيانا مع مرض الاكتئاب بعض الهلاوس السمعية والبصرية وعادة يتوافق محتواها مع التفكير السوداوي فتجد الأصوات تتهم المريض بأنه لا يستحق الحياة وان الموت ينتظره وانه محتقر وفاشل وفقير، وكذلك يرى هلاوس مرئية في هيئة أشباح مزعجة ومفزعة وجثث، وتظهر الخداعات في هيئة سوء تأويل للواقع، ويأخذ ذلك الطابع السوداوي.
5) أعراض عصابية هستريائية أو قهرية.
د. نايف محمد الرشيدات
اختصاصي الطب النفسي