القرحة الهضمية هي تآكل في الجدار الداخلي للمعدة او الاثني عشر او المريء ووصول الافرازات الحامضية الى الانسجة الداخلية للجدار وهذا يعني انها تآكل نتيجة هضم الجدار الداخلي في نقطة معينة نتيجة الفعل الهضمي لحامض المعدة في عضو ضعفت مقاومة غشائه المخاطي نتيجة اختلال التوازن القائم بين العوامل الدفاعية للغشاء المخاطي لجدار المعدة او الاثني عشر لصالح العوامل الهجومية الضارة بذلك لجدار.
أسباب القرحة الهضمية
1- الجرثومة الحلزونية اللولبية:
وهي أهم اسباب حدوث القرحة الهضمية وهي تتواجد في الطبقة المخاطية لجدار المعدة ملتصقة بالغشاء المخاطي المبطن لغشاء المعدة وتختبئ تحت طبقة من المخاط لتحتمي من اذى عصير المعدة كما أنها تعزز افرازات قاعدية للسبب نفسه.
وهذه الجرثومة تسبب التهابا في الجدار الداخلي والذي قد يتحول الى التهاب مزمن وقد ينتهي بالقرحة الهضمية لأن الالتهاب يؤدي الى ضعف في جدار المعدة مما يجعل الظروف مناسبة للعصار الحامضية للهجوم على ذلك الجدار الضعيف وهذا ما قد ينتهي بالقرحة.
2- تناول بعض الادوية:
مثل الاسبرين ادوية الروماتيزم والكورتيزون والتي تسبب ضعف الغشاء المخاطي.
3- تناول الكحول والتدخين :
وهي عوامل هامة تعمل على ضعف مقاومة الغشاء المخاطي.
4- العوامل النفسية :
مثل القلق والتوتر التي تجعل المعدة تفرز افرازات حامضية اكثر من المطلوب.
آلية عمل جرثومة المعدة
كانت صدمة علمية كبيرة انقلب نتيجتها علم امراض المعدة والاثني عشر رأسا على عقب في عام 1983 عندما تم اكتشاف جرثومة حلزونية لولبية تعيش في المعدة، ومنذ ذلك الوقت قام العلماء والباحثون واخصائيو الجهاز الهضمي بمئات الابحاث حول هذه الجرثومة، وكيفية تأثيرها في أمراض المعدة وخاصة الالتهابات المزمنة والقرحة الهضمية.
وقد ثبت علميا وبدون أي مجال للشك بأن هذه الجرثومة (هيليكوباكتر) هي السبب الرئيس للالتهابات المزمنة في المعدة، وانها السبب الرئيس لقرحة الاثني عشر وقرحة المعدة، كما تبين ان لها علاقة مع اورام المعدة مثل ورم الخلايا اللمفاوية وسرطان المعدة، لكننا بحاجة الى عوامل اخرى عديدة وهامة بالاضافة الى وجود الجرثومة.
ولقد كثر الحيدث عن هذه الجرثومة وأهميتها في كل مكان مما قد يدعو للاعتقاد انه لن يمر وقت طويل قبل ان يصبح فحص اكتشاف الجرثومة وعلاجها امرا ذاتيا يقوم به الناس في بيوتهم بدون الرجوع للطبيب، وقد تبدأ هنا مشكلة صحية اخرى في الظهور ناتجة عن العلاج غير المراقب طبيا ومضاعفاته الجانبية.
ان الجرثومة الحلزونية لها قدرة كبيرة على التأقلم والعيش والتكاثر في جو معادي وهو جو المعدة الشديد الحموضة حيث تعيش بكل اطمئنان في المعدة فتسكن على سطح الخلايا الطلائية للمعدة وتكون دائما تحت طبقة المخاط، ويساعدها شكلها الحلزوني وحركتها بواسطة الاهداب على توزيع نفسها داخل المعدة، وتعتبر خاصية الالتصاق بالغشاء المخاطي خصوصية هامة لتصبح ممرضة وتقوم هذه الجرثومة بافراز مواد سامة تسبب الضرر في غشاء المعدة.
ولمقاومة الجو الحامضى للمعدة تفرز الجرثومة مادة يورياز التى تتحد مع مادة اخرى موجودة في المعدة تسمى يوريا ونتيجة لذلك التفاعل يتحول الجو الحامضي المحيط بالجرثومة الى جو أقل حامضية او قلوي نسبيا يحيط بالجرثومة مما يساعدها على البقاء والتكاثر.
وهناك الكثير من الباحثين يعتقدون بأن درجة الالتهاب والعلامات السريرية والأعراض لها علاقة وثيقة مع كمية وكثافة استيطان الجرثومه الحلزونية في المعدة بالاضافة الى نوعها.
فهذه الجرثومة تسبب التهابا حادا في جدران المعدة يتحول بعد أسابيع او اشهر من الاصابة الى التهاب مزمن وهذا ما يقود الى ضعف واختلال في تماسك جدار المعدة او الاثني عشر، وبذلك تتوفر الظروف المناسبة لعصارة المعدة الحامضية للهجوم على تلك المنطقة الضعيفة ويبدأ تآكل الجدار وبعد ذلك قد تتكون القرحة الهضمية.
عوامل تحدد نتائج الاصابة بجرثومة المعدة
1- عوامل خاصة بالجرثومة نفسها فهناك سلالات من هذه الجرثومة متفاوتة في قدراتها الهجومية، لذلك فان القرحة تحدث عند الذين يصابون بالسلالات الاكثر هجومية التي تفرز افرازات اكثر ضررا اذا توفرت ظروف وعوامل اخرى، فإذا كانت الجرثومة من نوع + CagA فإن امكانية الضرر لغشاء المعدة يكون اكثر بكثير من الانواع الاخرى.
2- عوامل خاصة بالشخص المصاب: حيث يقوم الجسم باستجابة مناعية شديدة في الانسجة وفي الدم للقضاء على الجرثومة ولكنها للأسف تكون في معظم الحالات غير كافية للقضاء على الجرثومة.
أعراض القرحة الهضمية:
1- ألم المنطقة العليا من البطن، قد يكون متجها في بعض الحالات الى الجهة اليمنى في حالة قرحة الاثنى عشر او الى الجهة اليسرى في حالة قرحة المعدة، وعادة ما يحدث الألم بعد الطعام بساعة او ساعتين ويستمر لمدة ساعتين، وقد يضطر المريض لترك فراشه في منتصف الليل لشدة الألم، ويزداد الألم عادة عندما تكون المعدة فارغة اي في وقت الجوع، اما اذا كان هناك التهابات في المعدة مرافقة للقرحة فقد يشعر المريض بالراحة اثناء الجوع وبالألم عند تناول الطعام، والسبب يكون التهاب الغشاء المخاطي المبطن للمعدة.
2- الحموضة التقليدية في المنطقة العليا من البطن
3- الغثيان او التقيؤ وهو يحدث احيانا خاصة في حالات القرحة الحادة التي قد تسبب تحرشا شديدا في بواب المعدة، او في حالة حدوث القرحة في منطقة البواب مع التهابات مرافقة شديدة.
4- الامساك او الاسهال نادرا ما تكون متواجدة لكنها قد تحدث نتيجة وجود التهاب تشنجي في القولون مرافقة للقرحة الهضمية.
وتتميز اعراض القرحة الهضمية بأنها تحدث على شكل دوري فتأتي على شكل دورة، كنوبة من الآلم تمتد من اسبوع الى اربعة اسابيع، وعندما تنتهي النوبة يستريح المريض فترة طويلة تتراوح بين بضعة اشهر الى بضع سنين لتعود من جديد.
5- بعض الحالات قد يكون اول اعراض القرحة نزيف دموي او حالة انسداد معوي او انثقاب مفاجئ في قرحة لم يكن المريض على علم بها او يشعر بها.
المعالجة:
منذ أكثر من عشر سنوات توصل العلم الى علاج شافي كليا للقرحة وذلك باستعمال الادوية المثبطة لافرازات المعدة الحامضية بالإضافة الى علاج للجرثومة الحلزونية اللولبية مستعملين المضادات الحيوية المناسبة يعمل الباحثون حاليا لتطوير مصل فعال يساعد على الوقاية من العدوى بهذه الجرثومة للحد من انتشارها، وهناك اخبار مشجعة ومتفائلة بإمكانية الوصول الى نتيجة ناجحة في القريب العاجل.
د. نعيم ابو نبعة
استشاري الجهاز الهضمي والكبد