ما زال كثير من الناس يعتقدون أن سوء التغذية وما ينجم عنه من أمراض هو بسبب الفقر وحسب، ويربطون أمراض سوء التغذية بالحالة الاقتصادية فقط. ولكن المفهوم الحديث لسوء التغذية يتعرض لعدة ابعاد تشكل أسبابا مفترضة ومتوقعة لأمراض سوء التغذية وهي بالإضافة إلى الفقر تتعلق بحكمة وحسن استخدام الطعام، والثقافة الغذائية، والعادات الغذائية وقدرة الجسم سلبا ام ایجابا على الاستفادة من الغذاء.
ويذهب الباحثون في علوم التغذية إلى كل هذه الأسباب باعتبارها أو باعتبار احدها السبب الرئيس في هذا المرض أو ذاك من أمراض سوء او نقص الغذاء آخذين بالاعتبار التفريق بين المصطلحين الرئيسيين:
سوء التغذية Malnutrition ونقص الغذاء Food Deficiency
في حال سوء التغذية فان عدة عناوين تقع تحت هذا المفهوم وهي:
1- نوعية الطعام:
في هذا العصر المكتظ بالعمل والحركة وادارة الوقت فان كثيرا من الناس تأخذهم اشغال الحياة الى اهمال نظرية التوازن الغذائي، بالرغم من قدرتهم المالية على توفير كل شيء.. فنراهم وبسبب اشغالهم يعتمدون على الوجبات السريعة، والساندويشات، وما يرافقها من مواد دون النظر المعمق الى القيمة الغذائية والتوازن الغذائي الذي يجب أن يوفر للمستهلك كافة المتطلبات الغذائية وبنسب تتفق والحاجة اليومية للجسم.
فكما ان الساندويش او الوجبة السريعة ليست هي الطعام المناسب والذي يتفق مع التوازن الغذائي، فان ‘‘المنسف‘‘ واكوام اللحم ليست هي الاخرى الطعام المناسب وبهذا الصدد فان على الجسم المستهلك ان يتناول كميات متعددة في نوعها، ومحددة في كميتها وفقا للحاجة اليومية للجسم البشري.
٢- العادات الغذائية:
للاسباب السابقة نرى ان كثيرا من الناس اعتادوا أنماطا من تناول الغذاء تتعارض والمفهوم العلمي للغذاء، فمن عدم تناول الفطور مثلا سوى القهوة والسجائر، إلى وجبة خفيفة في الضحى، ثم الى وجبة
واحدة دسمة في المساء، وكفى.
٣- الثقافة الغذائية:
ما زال هنالك من يعتقد ان اللحوم والطيور هي فقط الطعام الكافي والمناسب، دون النظر الى ان علم التغذية قد حدد المجموعات الغذائية الضرورية تحت عناوین هي:
المجموعة الدهنية – مجموعة النشويات، مجموعة البروتينات – مجموعة الأملاح والمعادن – ومجموعة الفيتامينات.
وقد حدد علم التغذية مقادير يومية من كل هذه المجموعات للجسم، ويجب أن تكون جميعها ممثلة في الوجبات اليومية للانسان، ويضاف الى ذلك مسألة ثقافة الأمهات المرضعات، ومربيات الاطفال فيما يتعلق بالتغذية النموذجية للأطفال في سن الرضاعة، وسن ما قبل المدرسة.
4-كمية الطعام:
ما زال هناك اعتقاد بأنه كلما أكثر الإنسان من تناول اللحوم، كان ذلك أفضل لصحته، فنراه يغلب نسبة مصادر البروتين على غيرها، ولكن بهذا الصدد فان كميات الطعام ومقاديره يجب ان تكون ممثلة لكافة المصادر الغذائية، وبكميات يستطيع الجسم تمثيلها والاستفادة منها مع الانضباط بقدر الإمكان بمواعيد منتظمة للطعام.
أما من حيث نقص التغذية فان عاملين رئيسيين يندرجان تحت هذا العنوان:
۱- نقص الطعام:
وهنا يكون السبب الرئيس هو عدم القدرة المالية على توفير كافة المتطلبات الغذائية، او عدم توفر هذه المتطلبات نفسها، وعلى كل الحالات يكون هنا دور مرشدي التغذية مطلوبا لإرشاد الناس للبدائل الأقل كلفة، والتي يمكن أن توفر أقصى حد من الحاجة اليومية للإنسان.
٢- العجز او النقص الفسيولوجي:
قد يتوفر الطعام بكل أشكاله، ولكن الحالة الفسيولوجية لجسم المستهلك من حيث خضوعه للحمية، أو نقص بعض الإنزيمات والهرمونات او عجز بعض الأنظمة في الجسم عن أداء دورها في الهضم والامتصاص والإخراج، تقود إلى ذات النتيجة، وهي سوء التغذية، وهذه مسألة طبية بحتة، بحيث يخضع من يشكو من نقص فسيولوجي معين الى اطباء اختصاصيين في علاج سوء التغذية، ويضاف إلى ذلك أولئك المرضى الذين تشكل الحالة النفسية لديهم عائقا في الاستفادة أو الحصول على طعام صحي متوازن ومناسب.
اذن:
فسوء التغذية او نقص التغذية هو انعكاس لحالة اجتماعية وسلوكية ونفسية، إضافة إلى كونه يعكس في بعض الحالات، الحالة الاقتصادية والمالية للمستفيد من الطعام. ولم يعد الفقر ‘‘فقط هو السبب الأوحد لأمراض سوء استخدام الطعام او أمراض نقص الطعام.
هاشم سلامة
مصدر الصورة
pixabay.com