مصطفى شقيب *
الأرقام تتحدث عن نفسها، فيما يخص الوقت المقضي أمام شاشة ما. ويبيّن أول مقياس في هذا الشأن-في فرنسا-أنّ 8 من 10 أشخاص تم استجوابهم يقضون وقتا أطول من المتوقع على شاشتهم، مهما كان النشاط الممارس. وهذا دليل على أنّ اللوحات والهواتف الذكية لها مكانة عليا في الحياة العادية، بينما يمكن إيجاد الابتهاج الشخصي في مكان آخر.
لقد صار إدمان الشاشات حقيقة. وأسهمت حالات الحجر الصحي المتتالية -في سياق جائحة كورونا 2020-في زيادة هذه النزعة. فلدى الأطفال، قد يكون للاستخدام المفرط للشاشات تبعات ثقيلة على نموهم الدماغي وقدرتهم على التعلّم. فيما يعرّض الكبار أنفسهم لآثار سلبيّة على سكينتهم وصحتهم العقليّة. لقد حان الوقت إذن للانتعاش خارج إطار الشاشات.
لماذا قد تكون ممارسة الموسيقى بديلا إيجابيّا للشاشات؟
سواء قاله أفلاطون أو أرسطو، “الموسيقى تهذب الروح”، هو في كل الأحوال، مثل سائر لا يمكن للموسيقيين نفيه!
وسواء تم الاستماع إليها، أو غناؤها أو لعبها، فلها تأثيرات معاكسة لتلك التي تحدثها الشاشات. وفي أيّ عمر، تعمل الموسيقى على تحسين التركيز والذاكرة وتسمح بتبنّي وضعية جيّدة وتنفّس أفضل. غير أنّ هذا ليس كلّ شيء! فهي تهدّئ، تنمي الإبداع، تطلق العواطف، تسهم في إنشاء الرابطة الاجتماعيّة، تفتح العقل. تجلب الموسيقى إذن ابتهاجا شخصيّا وتسهم في تقليص الوقت المقضي أمام الشاشة.
فيما تؤثر الرياضة إيجابيا على الحياة اليومية؟
يتابع المقياس الفرنسي MILDECA/Harris لسنة 2021 (والذي أو عزت به الوزارات قصد مكافحة المخدرات والسلوكيات الرقمية) تسليط الضوء على التأثيرات العكسية للأنشطة الرقميّة. وهكذا، أكد 24% من المستخدمين استهلاكهم المتزايد للحَلْويات، ومشروبات الصودا والوجبات الخفيفة، وهو سلوك يفسّر ظاهرة الوزن الزائد والسمنة، خاصة لدى المراهقين. دون نسيان أنّ الوقت المقضي أمام الشاشة يفسد الروابط الاجتماعية على عكس ممارسة الرياضة التي تعمل على تنميته. وعلى غرار الموسيقى، فللرياضة فوائد كثيرة بالنسبة لسكينة النفس والصحة. فالنشاط الرياضي يُحسّن النوم، بينما تفسده الشاشات. فهي تسمح بمكافحة الإجهاد، القلق، الاكتئاب، وتحافظ على الوزن المريح، وتُحسّن التركيز أو تقلّل مخاطر الأمراض مثل داء السكّريّ أو الأمراض القلبيّة الوعائيّة.
لماذا يعمل الترفيه عموما على الإبعاد عن الشاشات؟
الخروج من الملل، والإحساس بأنك مفيد وتمكين الذهن من الهروب هي عوامل قد تعزز الابتعاد عن الشاشات. فالإبداع من خلال الكتابة، أو الرسم، أو الطبخ أو التصميم ينشط الذهن وملكة التفكير. كما ستحسّن الأنشطة الإبداعية تقدير الذات وتتيح السكينة. وتُعتبر القراءة أيضا من الوسائل الممتازة للابتعاد عن الشاشات. ففضلا عن زيادة المعرفة، فهي تنمّي التخيل والقدرات العقليّة. ولدى الأطفال، تساعدهم على التحصيل الدراسي الجيّد!
*كاتب في علم النفس
المغرب
المرجع: الموقع العلمي https://www.futura-sciences.com/sante/