الحبسة الكلامية أو فقدان القدرة على الكلام (APHASIA)اضطراب لغوي ينتج عن اصابة تقع لمراكز اللغة في الدماغ تبعا لتعرض الدماغ لاصابة معينة، وفي الغالب فان الاصابة المسببة للحبسة الكلامية هي التي تقع في الجهة اليسرى من الدماغ ( حيث تقع مراكز اللغة لدى جميع الذين يستعملون ايديهم اليمنى تقريبا
غالبا نصف الذين يستخدمون ايديهم اليسرى). والمظاهر او المهارات اللغوية التي تتأثر بالاصابة هي: الكلام (أي اللغة التعبيرية وليس القدرة الجسدية على اصدار الكلام او النطق)، مهارات الاستماع، الفهم، التحليل السمعي، استخدام الكلام والقراءة والكتابة، والذاكرة، وغيرها.
وتختلف حدة وطبيعة المشكلة تبعا لنوع وحدة الاصابة الدماغية، والمنطقة المصابة في الدماغ، وعوامل اخرى مثل الدرجة التعلم والصحة العامة وتوفر الخدمات والبدء في التدريبات في الوقت المناسب.
الأسباب الاصابة بالحبسة الكلامية
من ابرز الاسباب التي تؤدي للحبسة الكلامية أو فقدان القدرة على الكلام ما يلي: الجلطات، العيارات
النارية، الحوادث، الاورام، الامراض التقدمية مثل الزهايمر وعند حدوث الاصابة فان قدرة الشخص على
اصدار الكلام الشفهي، اي اللغة التعبيرية تتأثر وكذلك ما يقال له، أي اللغة الاستقبالية، والقراءة والكتابة
بل ان مهارات القراءة والكتابة تكون غالبا اكثر تأثيرا من المهارات اللغوية الشفهية. وقد تتأثر واحدة من هذه المهارات او جميعها معا وذلك تبعا لنوع الاصابة ومكانها.
تصنيف الحبسة الكلامية
تقسم الحبسة الكلامية أو فقدان القدرة على الكلام حسب المناطق المصابة من الدماغ ويكون تصنيفها حسب حدتها الى بسيط ومتوسط وشديد. فمثلا اذا كانت الاصابة بسيطة فقد يبقى الشخص قادرا على الكلام والاشتراك في حوار مع الآخرين، ولكنه قد يجد صعوبة في فهم الكلام الطويل او المعقد نحويا. او قد يجد صعوبة في ايجاد الكلمات المناسبة اثناء الحديث اي صعوبة استحضار المعلومات، او قد يجد صعوبة في تذكر الاحداث او روايتها بتسلسل صحيح ، اما اذا كانت الاصابة متوسطة فقد يصبح كلام المصاب عبارة
عن كلمات مفردة او اشباه جمل وقد يستخدم نحو خاطىء او يتكلم بجمل صحيحة نحوا، لكن لا علاقة لكلماتها
ببعض او بموضوع الحوار او غير مناسبة للشخص او النص. وقد يخلط في ترتيب الاصوات في الكلمة. اما في الشديدة فقد يصدر كلمات جديدة كليا لا معنى لها، والبعض قد يجد صعوبة في الحديث الموجه اليه، كأنما يسمع لغة غريبة، فيما قد تصبح قدرة البعض على اصدار الكلام محدودة في عبارات بسيطة مثل نعم ولا، وشكرا. او الكلمات كثيرة التكرار مثل مع السلامة او مرحبا.
وطبعا تؤثر هذه المشاكل التواصلية سلبا على علاقات الشخص المصاب الاسرية والاجتماعية والمهنية
مما يؤدي الى اثار نفسية سيئة قد تؤدي الى الانسحاب الاجتماعي.
اما التقسيم حسب المنطقة المصابة في الدماغ فيكون حسب اسم المنطقة المصابة مثل حبسة منطقة بروكا او
فيرنكا أو الشاملة. وقد تظهر الحبسة الكلامية أو فقدان القدرة على الكلام كمظهر وحيد للإصابة الدماغية وقد تكون مصحوبة بالعديد من الاعراض الاخرى: الجسدية مثل الشلل، واللغوية والكلامية مثل عدم التناسق اللفظيAPRAXIAاو عسر الكلامDYSARTHRIA وصعوبات البلع(DYSPHAGIA) وذلك تبعا للمنطقة المصابة من الدماغ وطبيعة الاصابة.
اعادة التأهيل
يتطلب اعادة التأهيل جهود العديد من الاختصاصيين وذلك تبعا لطبيعة الاصابة وحاجة كل مريض على حدة.
ويشمل الفريق: الاطباء كلا حسب اختصاصه ،الممرضين، اخصائيي العلاج الطبيعى، اخصائيى العلاج الوظيفي، اخصائيي التواصل (النطق واللغة)، المرشدين النفسيين والاجتماعيين والمهنيين والعائلة،
وغيرهم.
دور اخصائي النطق واللغة
يحدد الاخصائى منذ البداية النواحي اللغوية المتأثرة ودرجة تأثيرها على حياة المريض النفسية والاجتماعية وحاجاته التواصلية، ويشتمل التقييم:
قوة وتازر اعضاء النطق.
الطلاقة، ونوعية الصوت وعلوه، ووضوح الكلام من الناحية النطقية.
استخدام وفهم المفردات.
استخدام وفهم النحو.
القدرة على الاجابة على الاسئلة.
فهم الحديث المطلوب والحديث الشفهي والمكتوب.
القدرة على اتباع الاوامر اللفظية البسيطة والمعقدة.
القدرة على رواية قصة وكتابتها.
شرح طريقة عمل شيء او وصف الطريق الى المنزل.
فهم موضوع الحوار او القصة والقدرة على شرح ما فهمه.
القدرة على الاستمرار في الحديث مع ترابط الافكار ومتابعة الموضوع.
تذكر الكلمات.
القدرة التعبيرية (حاجات مشاعر)
البدء بالحوار والاستمرار به .
اخذ دوره بالحديث وانتظاره.
القراءة والكتابة من مستوى الاحرف الى المواضيع المطولة.
ويتم التقييم بأخذ معلومات من الاهل وملاحظة المريض المباشرة والاختبارات الرسمية.
التدريب
يتم وضع برنامج تدريبي يتناسب مع كل شخص على حدة. وقد يكون التدريب فرديا او جماعيا. ويجب ان
يشمل العديد من المواقف والمواضيع مثل الحديث بالهاتف او في المطعم او سؤال شخص غريب عن شىء ما، وقد يشمل التدريب استعمال وسائل تواصل بديلة او مساعدة مثل الإشارة او الكتابة او لوحات التواصل او
اجهزة التواصل وذلك لمساعدة المريض على التفاعل مع مجتمعه والتعبير عن نفسه وطلب حاجاته. كما يتم التعاون مع الاخصائيين الاخرين والاهل ومسؤولي العمل والمدرسة (اذا كان المصاب طالباً) لمعرفة الحاجات التواصلية لكل بيئة بما يناسبها وشرح طرق التواصل لشركاء التواصل كل حسب مكانه ودوره في التعامل مع المصاب، كما يتم التعامل مع مشاكل البلع واجراء تدريبات لتقوية اعضاء النطق حسب الحاجة.
التقدم
رغم ان الحبسة الكلامية ترتبط غالباً بالجلطات والتى تحدث ايضاً غالباً في وقت متأخر من العمر الا انها في
الحقيقة قد تحدث في اي عمر بسبب الحوادث وبعض الامراض. واذا كانت نتيجة الاصابة مؤثرة فقط على
المهارات اللغوية فان ذلك قد يعطي انطباعاً خاطئاً للآخرين بأن الشخص اما ثملا او ان قدراته العقلية مصابة، وذلك تبعاً للأعراض التي تظهر على المصاب وطريقة كلامه، لذلك لا بد من نشر الوعي بهدف المشكلة والتعريف بها سواء للمصابين او عائلاتهم او للعامة وذلك للمساعدة في تخفيف اثر الاصابة وتسهيل حياة المصاب، كما ينبغي ادراك دور اخصائي التواصل (النطق واللغة) ودوره الفاعل في مساعدة المصاب ومن حوله في الاتصال معاً بنجاح، وذلك بتعزيز قدراته التعبيرية والاستيعابية ومحاولة مساعدته على استعادة اكبر جزء منها.
او الاستعانة بوسائل الاتصال المساعدة وتدريب المصاب وشركائه في التواصل على استخدام هذه الوسائل بحيث تحقق أفضل نتيجة ممكنة من الابقاء على العلاقات الاسرية والاجتماعية فاعلة او ناجحة قدر الامكان. كما ينبغي التنويه بضرورة البدء بالتدريب التواصل بأسرع فرصة ممكنة، حيث من المعتقد بأن هناك فترة معينة بعد الاصابة (من 3-6 اشهر) يكون فيها المصاب مستعدا اكثر للاستفادة من التدريب، ان يكون الدماغ مستعداً لتلقي التدريبات والاستفادة من الفترة التي تسمى المعافاة التلقائية(SPONTANIOUS RECOVERY)والتي يكون مردود التدريب فيها افضل وأحياناً اسرع في تعزيز استرداد المهارات السابقة او اكثر جزء منها من مرور وقت طويل على الاصابة، او البدء في التدريب على الوسائل المساعدة.
وهناك عوامل عديدة تؤثر على امكانية التقدم منها: طبيعة الاصابة وعمر المتقدم ومستواه التعليمي والصحي
وحدة المشكلة، وتعاون ورغبة المصاب والاهل، وتوفر التدريب في المكان والوقت المناسبين.
سناء جميل ابو نبعة
اختصاصية نطق ولغة