مصطفى شقيب *
أن تعيش دون أكل، هذا صعب. غير أنّ العيش دون شرب، فهذه مهمة مستحيلة. ففي أقلّ من 24 ساعة، يبدأ جسمنا في إظهار إشارات التجفاف.
العيش دون أكل، هذا ممكن خلال عدّة أيام، بل حتّى لعدّة عشرات الأيام. لكن شريطة الاستمرار دائما في شرب الماء. لأنّه دون إمداد بالماء، لا يمكن لجسمنا أن يأمل في أن يبقى أكثر من ثلاثة أيام. فالماء، كأحد أهم المكونات الرئيسية للجسم البشري – بحدود 60% تقريبا- هو إذن اساسي جدا لجسمنا أكثر من الطعام.
اعتبارا أنّ التعرق، واستفراغ البول وحتى التنفّس يجعلنا نفقد كلّ يوم حوالي لترين من الماء. وهذه خسارة ينبغي لزاما تعويضها. وهذا ما يحدث عندما نشرب الماء. غير أنّه اذا حرمنا من الماء، تبدأ العلامات الاولى للجفاف أو التجفاف في الظهور في جسمنا في أقلّ من 24 ساعة. وقد يكون الامر أسرع من ذلك إذا كان الجو حارا.
علامات إصابة الجسم بالجفاف
عندما يفقد جسمنا الماء، نشعر عموما بالعطش. غير أنّ الأمر ليس دائما كذلك، خاصة فيما يتعلّق بالأشخاص المسنين. لذلك ينبغي توخي الحذر فيما يخص هذا العرَض. وبالمقابل، من بين العلامات الأولى الموثوقة للجفاف، يمكننا ذكر جفاف الجلد – الذي يفقد من مرونته -، في اللسان والفم. يصبح البول قاتما أكثر ويصبح الدم ثخينا. ينخفض الضغط الدموي. بعد ذلك يأتي الصداع بأنواعه المختلفة، والتشنجات واضطرابات الوعي. وأخيرا، الغيبوبة ومن ثم الموت المحتمل.
وطالما كان فقد الماء محدودا، قد تكفي اعادة مدّ الشخص بالماء لتحسين حالته. ومن أجل ذلك، سيكون عليه شرب الماء بشكل متكرر وبكمية أكبر من المعتاد. أشربة محلاة ومالحة، إن أمكن، قصد إعادة التزود. وبالمقابل، عندما يكون التجفاف خطيرا، فمن المستعجل جدا العناية بالشخص من طرف طبيب. حيث يمكن تعويض الماء والأملاح التي تم فقدانها عن طريق الحقن.
ما هي أسباب وأعراض جفاف الجسم؟
إن سبق أن شعرت بالعطش، فقد أُصبت إذن بالجفاف. العطش ليس سوى العلامة الأولى للجفاف. غير أنّه إن لم يتم إيلاء العناية اللازمة، فقد تكون للجفاف آثارا مهلكة.
ويؤدي الماء وظائف حيوية عديدة للحفاظ على حالة الهوميوستازي (استقرار الثوابت الفيزيولوجية عند الاحياء) وعلى الحياة. وهكذا، فمن الضروري الحرص على ضمان الإمداد بالماء لتفادي الجفاف، الذي قد يكون له آثارا كارثية.
فالماء يسري من خلال الجسم في دورة غير متقطعة ولا يركد أبدا. وما يتم طرحه ينبغي تعويضه. ويفقد الانسان في المتوسط لترين من الماء في اليوم الواحد نصف لتر عن طريق التعرق والجلد، ونصف آخر عن طريق التنفس، ولتر بواسطة البول. ومن أجل تعويض هذه الخسائر، يوصى غالبا بإدخال معدل لترين من الماء كلّ يوم إلى الجسم: 1,5 ليتر بالشراب و0,5 لتر بالطعام.
وهذه الأرقام ليست سوى معدلات تخضع لكثير من العوامل، مثل الجسامة، العمر، أو ايضا النشاط البدني. إن كان الماء يمثل 60% من الوزن الاجمالي لشخص بالغ، فهذا المعدل يرتفع إلى 70% لدى الطفل و55% لدى شخص كبير. ويتأثر أيضا بتموين الجسم من الشحوم او العضلات: فالنسيج الشحمي مكون من 10% من الماء، فيما العضلات من 75% منه. وهكذا كلما كان الشخص عضِلا، كلما كانت نسبة الماء مهمّة من وزنه، وكلما كانت حاجاته من الماء كبيرة.
هل كنت تعرف ذلك؟
يؤدي الماء أدوارا عديدة في الجسم البشري. فهو يسقي الأنسجة، لاسيما الجلد مانحا إياه مرونته، ويدخل في إنتاج الخلايا. ويساهم في هضم الأغذية، بمساعدة العصارات الهضمية. كما يتيح، بطرحه عن طريق الكلى، طرح النفايات معه. ويسمح بحسن سير التفاعلات الكيميائية التي تجري في كلّ ثانية من الحياة، وتوصيل الإشارات المرسلة من طرف الدماغ والعضلات. ويدخل الماء أيضا في الحفاظ على درجة حرارة الجسم ثابتة في 37 درجة مئوية. وهذه الأدوار تجعل من الماء عنصرا لا يمكن استبداله.
الجفاف: الاختلال بين الخسائر والامداد بالماء
إن اختل التوازن، أي إن فاقت الخسائر الامداد بالماء، سيجفف الجسم. إن خسر الرجل 2% من مائه، سيشعر إذن بالحاجة الى الشرب. وفي مستوى 10%، ينكمش الجلد وقد تنتاب الشخص المصاب بالجفاف الهلوسات. وقد يكون التجفاف مميتا إن بلغت الخسائر من الماء نسبة 15%.
وينتج الجفاف عن اختلال بين الامداد بالماء وفقدانه؛ بعبارة اخرى، الشخص المصاب بهذه الحالة لا يشرب الماء الكافي، او يطرح الكثير منه او كليهما. وتتعدّد أسباب فقدان الكثير من الماء: الإسهال، التعرق المفرط، الحرق، تناول الادوية المدرّة للبول او مُلَيِّنات الامعاء، استهلاك الكحول، وايضا بعض الأمراض المزمنة.
المرجع: الموقع العلمي https://www.futura-sciences.com/sante/
* كاتب في علم النفس
المغرب