للصيام والامتناع المؤقت عن تناول الطعام والشراب تأثيرات ايجابية على صحة الجسم وسلامته، وقد أكد كثير من علماء الصحة الفوائد الجمة للصيام، ومنهم العالم الأمريكي آبتون سنكلير ، ففي كتاب له عن الصوم “إن أكبر شيء يعطينا إياه الصوم هو مستوى جديد من الصحة، وهذا التجدد في الصحة ينعم به الكبار في السن والشباب على حد سواء، وبالنسبة ذاتها، وذلك أن البنية تتجدد بكاملها فتتحسن وظائفها العديدة وتنشط”.
ويذهب إلى أقرب من هذا القول الدكتور آلان الذي يعلن في النهاية عن نجاحه في استخدام الصوم لعلاج داء السكري والنقرس ، وفي كتابه الشهير “الإنسان ذلك المجهول” يقول الدكتور الكسيس كارل الحائز على جائزة نوبل في الطب والجراحة ما نصه: “إن كثرة وجبات الطعام وانتظامها ووفرتها تعطل وظيفة أدت دورا عظيما في بقاء الأجناس البشرية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام، ولذلك كان الناس يلتزمون الصيام أحيانا”.
ويقول: “قد يحدث للصائم أول الأمر الشعور بالجوع والتهيج العصبي ربما ثم يعقب ذلك شعور بالضعف غير أنه يحدث إلى جانب ذلك أمور خفية أهم بكثير منه فإن سكر الكبد سيتحرك ويتحرك معه الدهن المخزون تحت الجلد وبروتينات العضل والغدد وخلايا الكبد وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة للإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب، وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا”.
ويؤكد ذلك أيضا الدكتور ماك فادون وهو أحد علماء الصحة الكبار في أمريكا فقد جاء في كتابه الذي ألفه عن الصوم بعد أن ظهرت له نتائج عظيمة عن أثره في القضاء على الأمراض المستعصية: “إن كل إنسان يحتاج إلى الصيام، وإن لم يكن مريضا لأن سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض، وتثقله ويقل نشاطه، فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه وذهبت عنه ليصفو بعد ذلك صفاء تاما، ويستطيع أن يسترد وزنه ويجدد جسمه في مدة لا تزيد على العشرين يوما بعد الإفطار ولكنه يحس بنشاط وقوة لا عهد له بهما من قبل”.
ويضيف العالم المسلم الدكتور عبد العزيز إسماعيل “ظهر أن للصيام فوائد علاجية كثيرة ووقائية أكثر وصور العلاج الوحيد في اضطرابات الأمعاء المزمنة والمصحوبة بتخمر ويستعمل في زيادة الوزن الناشئة من كثرة الغذاء وكذلك في زيادة الضغط والصوم نافع في علاج البول السكري والتهاب الكلى الحاد والمزمن وأمراض القلب”.
وفي الطب القديم كان يعد الصوم من فضائل الحياة. وقد كان سقراط وأفلاطون يصومان عشرة أيام في كل بضعة شهور، وكان بعض الرهبان المسيحيين يأمرون بالصوم لعلاج كثير من الأمراض العصبية. والطبيب العربي ابن سينا كان يفرض صوم ثلاثة أسابيع في كثير من الحالات المرضية التي كانت تعرض له، وكان يعد الصوم عاملا مهما في علاج الجدري والزهري حتى قيل إن في وقت الحملة الفرنسية على مصر كانت المستشفيات العربية تتوصل إلى نتائج طيبة في علاج هذا المرض الأخير بالصوم.
وقد كتب الدكتور روبرت بارتولو وهو طبيب أمريكي من أنصار العلاج الدوائي للزهري قائلا: “لا شك أن الصوم من الوسائل الفعالة في التخلص من الميكروبات ومنها ميكروب الزهري لما يتضمنه من إتلاف للخلايا ثم إعادة بنائها من جديد” وتلك هي “نظرية التجويع في علاج الزهري” المشهورة طبيا.
وقبل هذا وذاك قال عز من قائل في الآية 184 من سورة البقرة: “وأن تصوموا خير لكم”، وقال الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم): “عليكم بالصوم فإنه محسمة للعروق ومذهبة للأشر”.
فوائد الصوم
للصيام عدد لا حصر له من الفوائد الصحية للجسد، خاصة العلاجية منها، لبعض الأمراض، أو الوقاية منها. فضلا عن الفوائد التي تعود على الجسم في صورة زيادة الحيوية، والنشاط وكفاءة الأعضاء.
ونظرا إلى الفوائد العديدة للصيام، فقد أنشأ عدد كبير من مشاهير الأطباء العالميين مصحات علاجية، للعديد من الأمراض، تعتمد أساسا على الصيام كأسلوب أساسي للعلاج وقد حققت هذه المصحات نتائج علاجية طيبة..
لكن هنالك أمراضا خاصة ذكرها الأطباء ونصحوا عدم الصوم فيها مثل: السل الرئوي وفقر الدم والحمى وغيرها. ومع ذلك فإنهم اتفقوا على أن الصوم يفيد كثيرا في أنواع من الأمراض.
وقد أظهرت عدة أبحاث علمية أجريت في السودان وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية ومصر أن الصوم في أي وقت من أوقات السنة ليس له تأثيرات ضارة بل إن أثره في الجسم هو الفائدة لا الضرر، وقد توصل الطبيب المصري عصام العريان في بحث أجراه على 120 صائما من الرجال والنساء في مختلف الأعمار ما يلي:
إن الصيام عمل على ضبط متوسط معدل الجلوكوز في الدم طول الشهر (80 – 120). إنه قد ساعد على تخلص الجسم من الدهينات الزائدة.
إنه يحدث انخفاضا في معدل الكولسترول للصائمين الذين بدأوا الصوم بكولسترول مرتفع، بينما لم يتأثر معدل الكولسترول للذين بدأوا الصوم وهو طبيعي لديهم.
إنه يحدث انخفاضا في مستوى حامض البوليك بينما لم يحدث أي تغيير في مستوى البولينا بالدم أثناء الصيام.
ويستفاد من أقوال بعض الأطباء المنشورة في جملة من الصحف والمجلات العامة والمتخصصة أن الصوم ينفع في علاج أنواع عديدة من الحالات المرضية ومنها:
• السمنة والكرش: وهما داء الكسالى والأكلة والمترفين.
• النقرس: المعروف قديما بداء الملوك والمعروف بالأملاح في مصر.
• ارتفاع الضغط الشرياني.
• التهاب الكلى الحاد والحصوات البولية.
• أمراض الكبد والحويصلة الصفراوية من الالتهابات والحصوات.
• أمراض القلب المزمنة التي تصحب البدانة والضغط العالي.
• مرض السكر، وقد كان علاج هذا المرض قبل اكتشاف الأنسولين هو الصوم والحمية.
• اضطرابات المعدة المصحوبة بتخمر في المواد الزلالية والنشوية.
وقد أجمع العلماء والباحثون على أن لا ضرر مطلقا من صوم رمضان بالطريقة الإسلامية الصحيحة لأن الجسم السليم يقوى على احتمال الجوع والعطش لمدة أربع وعشرين ساعة دون أن يناله أي ضرر.
ويغنينا قول الرسول الصادق الأمين عن قول جميع الأطباء، حيث قال (صلى الله عليه وسلم): “المعدة بيت كل داء والحمية رأس كل دواء”، ولا يخفى أن الصوم هو رأس الحمية.
ومن فوائد الصيام ماله من تأثير مناسب وجيد للصحة حيث يؤثر الصيام في العديد من التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل الجسم باستهلاك المواد الغذائية المخزونة فيه مما يساعد على حركة وتخلخل البروتين المكون لأعضاء الجسم المختلفة وأولها الكبد والعضلات مما يجعل تلك البروتينات أكثر قابلية للتجديد واستعادة شبابها وحيويتها.
ومن هذا يتضح أن بعض فوائد الصوم هو تجديد وتنشيط أنسجة الجسم وخاصة أنسجة الغدد التي تسيطر وتتحكم في العمليات المختلفة داخل الجسم مثل النمو والحركة والنشاط والتي بدورها تتحكم في عمليات الهضم والبناء وهذا يساعد على ظاهرة النشاط الزائد والنمو السريع الذي يلاحظ على الإنسان بعد فترة الصوم أي بعد صيام شهر رمضان المبارك.
كما أن هناك بعض الأبحاث التي أثبتت أن للصيام فوائد في زيادة النشاط الذهني وتجديد الخلايا وخصوصا إذا وفق الإنسان في الصيام بصورة جيدة من حيث مراقبة النوم المناسب والراحة المناسبة.
وهناك علاقة مباشرة للصوم والخلايا المريضة والهرمة من حيث إن أول الخلايا التي تستهلك بسبب الصوم بعد استهلاك الغذاء هي تلك الخلايا المريضة والتي تقدم بها العمر (هرمة) حيث يتم أكسدتها وحرقها وبذلك يسهل على الجسم التخلص منها وطردها.
كما أن للصوم فوائد في الوقاية من الإصابة بمرض السكري حيث يلاحظ في الصوم انخفاض نسبة السكر في الدم لأدنى المعدلات وهذا مما يريح غدة البنكرياس عن إفراز هرمون الأنسولين حيث وجدت الأبحاث أن كثرة إرهاق البنكرياس تؤدي إلى انخفاض قدرة الأنسولين للقيام بوظيفته مما يؤدي للإصابة بالسكري فمن هذا يتضح أن الصوم يعتبر أحد أسباب حماية البنكرياس.
كما أن الصوم لمدة اكثر من 12ساعة يوميا يكفي لتخلص المعدة من كل طعام متراكم بها مما يؤدي إلى إعطاء فرصة لها بأن ترتاح ويقل عنها الإرهاق كذلك يساعد الصوم على تخليص الجسم من الغازات ونواتج التفاعلات التي تنتج عن التخمة وسوء الهضم والتخمر في الأمعاء بسبب عدم قدرتها على امتصاص الطعام أو التخلص منه لذلك فإن الصوم يعتبر فترة راحة لأجهزة أعضاء الجسم المختلفة.
المصدر مواقع الكترونية