أصبح استخدام أفران الميكروويف شائعاً في معظم بلدان العالم، ويقدر أن من 60% الى 90% من المنازل في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية تقتني أفران الميكروويف ولا شك في أن أفران الميكروويف تسهل عملية الطهي وتحضير الطعام لا سيما لمن يعودون إلى منازلهم متأخرين بعد يوم طويل من العمل.
يحتوي فرن الميكروويف على أنبوب فراغي إلكتروني مغناطيسي، يعمل على تحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة إشعاعية على هيئة أمواج قصيرة عالية التردد، عديمة اللون والرائحة ولا يمكن مشاهدتها، وعندما تصطدم هذه الأمواج بجزئيات الطعام وبالذات بجزئيات الماء بها، فإنه يحدث احتكاك حراري بينها بسبب حركتها الناتجة عن التغيير في المجال المغناطيسي بمعدل 2450 مليون دورة في الثانية، مما يؤدي إلى إنتاج طاقة تعمل على طهي الطعام أو تسخينه.
وتم الانتباه إلى مقدرة أمواج الميكروويف على التسخين في نهاية الحرب العالمية الثانية حين لاحظ أحد الجنود الأمريكيين أثناء عمله على جهاز الرادار لرصد مواقع الطائرات المعادية انصهار أقراص الحلوى بجيوبه، ولعل الحدث الأبرز الذي أثار الانتباه إلى المخاطر الصحية للتسخين بأمواج الميكروويف ما حصل في ولاية أوكلاهوما عام 1991؛ حيث توفيت مريضة بعد نقل الدم إليها مباشرة، وتبين من التحقيق فيما بعد أن الممرضة قامت بتدفئة الدم قبل نقله للمريضة بواسطة فرن الميكروويف.
دلت العديد من الدراسات على أن تسخين حليب الأطفال بفرن الميكروويف يفقده بعضاً من قيمته الغذائية كتحطيم بعض الفيتامينات، ويفقده محتواه من مواد المناعة التي تحمي من الإصابة بمسببات العدوى.
إن الحمض الأميني البرولين الموجود في حليب الأطفال تحوله أمواج الميكروويف إلى مادة سامة تؤثر في الجهاز العصبي والكليتين.
كما اتضح من دراسة إسبانية أن طهي الخضروات بفرن الميكروويف يدمر أكثر من ثلثي محتواها من مضادات الأكسدة، وأضافت دراسة يابانية أن تسخين الطعام لمدة 6 دقائق بالميكروويف كافية لتدمير نصف محتوى اللحوم والحليب ومنتجاته من فيتامين ب12.
كما أن طهي اللحوم بواسطة الميكروويف ينزع الاستقرار من تركيب البروتين المكون لها وينتج مادة أمين النيتروز المسرطنة ويحطم جزءاً كبيراً من محتواها من الفيتامينات والمعادن، لا سيما إذا كانت هذه اللحوم مجمدة قبل طهيها.
إن تسخين الأطعمة بأوعية بلاستيكية بواسطة أفران الميكروويف له مخاطر صحية إضافية، فقد توصل بعض الباحثين في معهد السموم في المركز الوطني الأمريكي أن تسخين زيت الزيتون في الأوعية البلاستيكية في أفران الميكروويف أدى إلى تسرب مواد مسرطنة ومادة الاستروجين الغريب التي تعمل على خفض عدد الحيوانات المنوية عند الذكور وتسبب سرطان الثدي عند الإناث، كما تحتوي على مادة 2 – DCB وهي مادة مدمرة للحمض النووي.
كما توصلت بعض البحوث في روسيا إلى ارتفاع حالات سرطان المعدة والأمعاء بين من يعتمدون على الطعام المحضر بواسطة فرن الميكروويف.
ويجب الأخذ بالاعتبار كل أسباب الحيطة عند طهي وتحضير الأطعمة بواسطة أفران الميكروويف لا سيما المحتوية على البيض واللحوم ولحوم الطيور والأسماك، كما يجب التنبه إلى نوعية الأوعية المستخدمة في طهي وتسخين الأطعمة بأفران الميكروويف، وبكل الأحوال فإنه يجب تجنب طهي وتسخين الطعام بأفران الميكروويف باستخدام الأكياس والأوعية البلاستيكية وأطباق الفلين FOAM وأوراق الصحف وصفائح الألمنيوم وعدم تسخين الحليب بالرضاعة البلاستيكية والاقتصار على الأوعية الزجاجية أو الفخارية، حيث تعبر أمواج الميكروويف جزئياتها دون تغيير حرارتها، وبالتأكيد ستكون المخاطر أكبر إذا كان هنالك تسريب لأمواج الميكروويف التي لا لون ولا طعم لها ولا يمكن شمها.
إن لطهي الطعام وإعداده باستخدام أفران الميكروويف مخاطر صحية كبيرة يجب التنبه لها، هذه المخاطر التي على ما يبدو لا تود شركات تصنيع أفران الميكروويف لنا أن نعرفها، وإن تجاهل وسائل الإعلام لها ليس دائماً وراءه الغفلة وحسن النية، إن مخاطر الطهي بأفران الميكروويف دفعت البعض إلى الاستنتاج بأنه إذا كان الطهي بالميكروويف أسرع بعشرين مرة من الطرق التقليدية فإنه أخطر منه بألف مرة.
الدكتور بشير جرار