مصطفى شقيب
كاتب علمي ومترجم/المغرب
آفاق علمية وتربوية – هل تساهم الرضاعة الطبيعية في التقليل من تطور السمنة؟ نعم، وفقا لباحثين فرنسيين أظهرت دراسة أن النظام الغذائي قبل عامين يلعب أيضا دورا رئيسا. فمن شأن تغذية فقيرة بالدهون الغذائية خلال مرحلة الطفولة أن تزيد بالفعل من خطر الإصابة بالسمنة في مرحلة البلوغ.
حليب الأم هو أفضل غذاء للطفل. لكن للغذاء المتين أيضا دور يلعبه. وللحد من مخاطر السمنة، فمن المهم أن يكون غنيا بالدهون بالقدر الكافي.
اهتمت دراسات حديثة بتأثير الرضاعة الطبيعية على مخاطر البدانة في مرحلة الطفولة، فأظهرت النتائج اتجاهات إيجابية ولكنها لم تكن دائما ناجحة. وكانت الدراسات تعدل نتائجها بعد الأخذ بعين الاعتبار عوامل مختلفة مثل الطبقات الاجتماعية، ووزن الآباء، وسن تنويع الأكل، الخ . ولكن لم تقم حتى الآن أية دراسة بإجراء تعديل على المساهمات الغذائية بعد الرضاعة. إلا أنه تبين أنه كان للتغذية أيضا خلال السنتين الأوليتين من الحياة آثار طويلة الأمد على الصحة.
في بحث جديد نشر في مجلة طب الأطفال The Journal of Pediatrics ، درس فريق من المؤسسة الصحية الفرنسية INSERM العلاقة بين الرضاعة الطبيعية ومخاطر زيادة الوزن في مرحلة البلوغ، مع مراعاة تغذية الأطفال المدرجة في الدراسة الموسعة التي ضمت الأشخاص الأصحاء الذين ولدوا بين عامي 1984 و 1985. وتم جمع المعلومات عن الرضاعة الطبيعية وتقييم المساهمات الغذائية في سن عشرة أشهر وسنتين ، ثم كل سنتين حتى سن ال 20 الذي تم فيه انجاز العديد من القياسات مع حجم ووزن وتكوين الجسم.
وقد واصلت السمنة انتشارها في المجتمع الغربي في العقود الأخيرة لتصبح وباء خطيرا، فهي تقتل اليوم أكثر من سوء التغذية بثلاث مرات، لتصبح مشكلة صحية عامة رئيسية يتحتم معالجتها.فبينت النتائج أن التأثير المفيد للرضاعة الطبيعية يظهر بشكل واضح عند اعتبار التغذية لمدة عامين وترتبط بشكل ملحوظ بانخفاض في الدهون في الجسم في سن ال20. ومن جهة أخرى في النموذج الإحصائي ، ترتبط الإمدادات العالية من الدهون في سنتين بانخفاض في كتلة الدهون في سن ال20. ” دراستنا هي الأولى التي أظهرت أنه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إمدادات الطاقة بعد فترة الرضاعة فسيكون الدور الوقائي لحليب الثدي على خطر زيادة الوزن واضحا “، تشرح ماري فرانسواز رولان – كاشيرا ، باحثة سابقة في INSERM .
حمية عالية من الدهون لمدة سنتين للحد من السمنة:
غالبا ما تتميز تغذية الأطفال الصغار بتغذية عالية من البروتين ومنخفضة من الدهون. ويحتوي في المقابل حليب الأم على كمية صغيرة من البروتينات وهو غني بالدهون. ووفقا للتوصيات الرسمية لا ينبغي تقليل الدهون لدى الأطفال الصغار وذلك من اجل تلبية احتياجاتهم العالية من الطاقة من أجل النمو والتطور السريع للنظام العصبي.ولا يُنصح خاصة بمنتجات الألبان المخففة التي تحتوي على القليل من الدهون و نسبة عالية من البروتينات قبل سن سنتين أو ثلاث سنوات .وبإمكان تقليل الدهون أن تعمل على برمجة عملية أيض الطفل لمواجهة العجز ، مما يجعلها أكثر عرضة لتطوير زيادة الوزن في وقت عندما تزداد كمية الدهون في وقت لاحق.
“يمكن إخفاء الأثر الإيجابي لحليب الأم باتباع نظام غذائي محدود الدهون بعد الرضاعة ، في حين أن إمدادات الطاقة وفقا للتوصيات الرسمية ، أي ، دون تقليل الدهون قبل سن الثانية أو ثلاث سنوات ، يكشف تأثيره المفيد “، تقول ساندرين بينو ، الباحثة المشاركة في هذا العمل .
وبهذا يثبت الباحثون مرة أخرى الأثر الإيجابي للرضاعة الطبيعية على مخاطر السمنة. وتؤكد أيضا على أهمية وجود نظام غذائي وفقا للتوصيات الرسمية للأطفال الصغار.ومن شأن توازن سيء من المواد الغذائية بعد الرضاعة أن يؤثر سلبا على الفائدة التي يقدمها حليب الأم ، والتي يمكن أن تفسر الجدل حول دوره الوقائي تجاه مخاطر السمنة.
مترجم بتصرف عن موقع -Futura-Sciences