أخذت العلاقة بين أمراض السرطان والحياة النفسية بعداً هاما خلال العقود الثلاثة السابقة من قبل الباحثين من الاطباء النفسيين واطباء الاورام، وقد جاء هذا الاهتمام نتيجة للكثير من الملاحظات عن الخصائص النفسية للأشخاص المصابين بالمرض السرطاني .
وقد أظهرت الأبحاث ان معظم الذين يصابون بالسرطان كانوا يعانون في الفترة السابقة من اضطرابات نفسية متنوعة خاصة القلق المزمن والحرمان وضغوطات نفسية متكررة نتيجة لتغيرات واحداث في حياتهم او طبيعة حياتهم العملية الضاغطة نفسياً بشكل بارز اكثر من غيرهم.
وقد لوحظ ان انواع معينة من السرطان مثل سرطان الثدي أو الرحم تكثر عند النساء اللواتي يعانين من الكآبة، ان تصل نسبة الاصابة الى ثلاثة اضعاف غيرهن من النسوة، واظهرت الابحاث أيضاً أن نسبة الاصابة بالسرطان الرئوي (الجهاز التنفسي) اعلى لدى الاشخاص الذين يعانون من الكبت النفسي والتحسس الزائد.
وسهولة الاستثارة والاشخاص الذين يعانون من الافكار والنمط الوساسي في حياتهم العملية والشخصية وممن يعطون الاحداث الحياتية اهمية اكبر مما تستوجب حالة القلق النفسي المزمن.
قد أفادت الأبحاث التجريبية على الحيوانات بأن اخضاع الحيوانات لعوامل وضغوطات وإرهاق سارع في مسيرة الأورام والموت.
وافادت الدراسات الطبيعية في العقد السابق ان الضغوطات النفسية والأمراض المتنوعة خاصة القلق بأنواعه والكآبة بأنواعها تؤدي في كثير من الاحيان الى تدن في قدرات جهاز المناعة ضد الأمراض عند الانسان وذلك بالتأثير على الخلايا المسؤولة عن مقاومة مسببات الامراض في أجسامهم واظهرت ان تحسين أحوالهم النفسية وازالة الضغوطات النفسية عنهم واعطائهم مضادات القلق والكآبة والعلاج النفسي السلوكي بأنواعه ادى الى تحسن واضح في حالتهم العضوية، وتحسن جزئي في تأخير ظهور الأعراض المرضية.
ولعل الدراسات الحالية والمستقبلية للعلاقة بين الاضطرابات النفسية والسرطانات توفر مزيداً من الوضوح لديناميكية هذه العملية.
د. محمد عبد الكريم الشوبكي
مستشار وأخصائي الطب النفسي والأمراض العصبية