لقد قررت التوقف عن التدخين، ولكن ما لا بأس فان سيجارة واحدة اخرى لن تكون مؤذية، وقررت التوقف عن تناول الوجبات السريعة الغنية بالدهون والسكريات، ولكن، لا بأس ببعض منها فالليل طويل والعمل كثير. ويبدو ان لا وقت للذهاب لنادي اللياقة او لممارسة رياضة المشي اليوم. لا يهم فالأيام قادمة وسأعوض ما فاتني.
ما سبق عينة من واقع يعيشه الكثيرون هذه الايام، ويبدو ان هناك دائما مبررا لعدم القيام بما يحسن من نمط
الحياة لكن مع توفر المزيد من المعلومات عن كيفية التمتع بصحة جيدة، فلا مبرر للقول اننا نجهل ما يتوجب عمله للحصول على اللياقة الجسمية والصحة.
ان المبادئ الاساسية في ذلك بسيطة لا تدخن أو تتناول المخدرات، وقلل من تناول الدهون، وتناول خمس حصص من الفاكهة والخضراوات في اليوم، ومارس الرياضة ثلاث مرات في الأسبوع وأكثر من شرب الماء، فلماذا اذن يكون وضع هذه المبادئ موضع التطبيق صعب جداً؟
يعتقد معظم الناس أن سبب فشلهم في تحقيق أهدافهم في الصحة واللياقة يكمن في ضعف الإرادة، ان ما نحتاجه فعلا التدرب الذاتي على كيفية التصرف في المواقف المختلفة التي قد تسبب الضرر للصحة. وفي هذا المجال اخذ توجه جديد في اسلوب تعلم السلوك الصحي يحقق نجاحات كبيرة في دول العالم، وعلى حد قول سوزي غريفز، اختصاصية تعليم هذا الاسلوب، فانه على العكس من الاساليب الاخرى التي ينصح باتباعها
للتوقف عن التدخين او للحمية وما شابه.
فان هذا الاسلوب لا يقدم حلا سحريا. وانما يقدم للأشخاص الادوات التي تساعدهم في التخلص بأنفسهم من
العادات الضارة، وفي اعتياد تحمل مسؤولية اتخاذ القرار المناسب واكتشاف اسباب مشكلاتهم بأنفسهم.
الاسلوب الجديد لا يرى في العادات غير الصحية مثل التدخين وإدمان الكحول والشراهة في تناول الطعام
مشكلات حقيقية مطلقاً، وإنما اعراض لمشكلات اكبر، وبالتالي فانه يطلب من الشخص البحث عن جذور سلوكه في تناول الطعام غير الصحية أو التدخين أو تناول الكحول، من مثل التدخين لتأكيد الذات، أو ادمان الكحول للمساعدة في تحمل ضغوط العمل، ويطلب منه بالتالي البدء بالتعامل مع المشكلة الحقيقية ( الشعور بالعجز أو ضعف الامكانات او عدم القدرة على تفويض المهماته )، ويقول المختصون في الاسلوب الجديد أن العادات غير الصحية بمثابة المصيدة، وان الانسان لن يكون قادراً على الخروج منها ما لم يجد المفتاح المناسب، ويتمثل هذا المفتاح بالاقتناع بمخاطر هذه العادات على الصحة والعمل للإقلاع عنها، وهم يقدمون في ذلك الارشادات الآتية:
– ابحث عن سبب تدخينك أو تناولك الكحول أو المخدرات أو الشراهة في الاكل. فكر في لحظة معينة مرت بك، او ظرف معين عشته، وشعرت عندها انك بحاجة الى سيجارة مثلاً، فكر فيما يمكن عمله في حالة كهذه لتجنب تدخين السيجارة، من مثل اخذ نفس عميق لعدة مرات، أو الخروج للمشي في الهواء الطلق، أو نزول
وصعود درج العمارة عدة مرات، أو شرب بعض الماء.
– نحن نحصل على ما نركز عليه: اخبر نفسك انك بدين، وبالتالي فانك ستبقى كذلك، واخبر نفسك انك قادر على التحكم بوزنك وفيما تتناوله من طعام، وستجد انه اصبح من السهل عليك التوقف عن تناول الجاتوه المغطى بالكريم مثلا.
– لا احد يمكنه مساعدتك، فالحمية السحرية، ووسائل المساعدة على ايقاف التدخين مثلاً لن تفيدك، اذ عليك تحمل مسؤوليته عن صحتك وحياتك، والتوقف عن اعتبار نفسك ضحية بحاجة الى مساعدة.
– أثبت قدرتك على السيطرة على نفسك دون أن تضطر لإتباع عادة ضارة. اتصل هاتفياً مثلا مع شخص بشان عمل ما دون أن تدخن سيجارة في اثناء حديثك. أو المذهب الى مقهي رصيف وتناول كوباً من العصير بدل قطعة الجاتوه أو صحن البوظة الدسمة التقليدية لاحظ انه كلما حققت سلوكات ايجابية اكثر كلما اقتنعت
بقدرته على تحقيق صحة جيدة ونبذ العادات الضارة.