الدكتور فيصل سرور المنشاوي *
لقد أوتى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم .. فكانت أحاديثه موجزة معبرة وتحتاج إلى أبحاث رصينة متعمقة .. وقد شملت كلماته صلى الله عليه وسلم كل جوانب حياتنا اما نصحا بخير او نهيا عن اذى وما فيه من شر ومن ذلك احاديثه صلى الله عليه وسلم فى الامور التى تمس صحة الانسان بصفة عامة .. والمسلم بصفة خاصة او ما نعرفه باسم ( الطب النبوى ) .. وليعلم الجميع انه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى .. وان الذى علمه وأدبه هو العالم بكل شئ .. وهو الذى يعلم الخبء فى السماوات والأرض .. وهو الذى يعلم العلم الحق .. وهو الذى يهدينا اليه حينما يشاء لندرك دائما اننا مهما علمنا فعلمنا محدود .. وأننا نجهل اكثر مما نعلم .. وانه هو العليم الخبير .
فمن هديه صلى الله عليه و سلم انه كان يعالج لدغة العقرب بغمر موضع اللدغة فى ( الماء والملح ) او بلغتنا ( محلول ملحي مركز ) .. ومعلوم طبيا انه بعد وخز او لدغ الجلد .. فان الجسم بواسطة جهازه المناعى فى الجلد يقوم بنسج غشاء من خيوط الفيبرين (FIBRIN THREADS) مكان اللدغة .. وبوضع مكان اللدغة فى هذا المحلول الملحى المركز .. يقوم المحلول عن طريق خاصية اختلاف الضغط الاسموزى ( الخاصية الاسموزية ) بجذب السائل بين الخلايا وما يحتويه من سم العقرب .. قبل سريانه في جسم المريض وإحداث مضاعفات مميتة .. وبعد هذا الاجراء والإسعاف الاولى العاجل يذهب المريض الى المستشفى او اى مركز طبى لأخذ المصل او الدواء المناسب .. وهذه الطريقة النبوية البسيطة يمكن استعمالها مع اى لدغة ثعبان او عضة حيوان .. او حتى وخزه بإبرة ملوثة بدم مريض .. بوضع مكان اللدغة او الوخزة فى المحلول الملحى المركز ثم استشارة اقرب طبيب .
ومن هديه صلى الله عليه وسلم فى علاج الإسهال .. تناول عسل النحل ولمرات عديدة ( اسقه عسلا ) .. فالعسل يحوى مضادات للفطريات والبكتريا الضارة .. واستعماله كإسعاف او اجراء اولى يطهر الامعاء مما بها من ملوثات تسبب الاسهال .. فضلا عن احتوائه على كثير من الاملاح والفيتامينات التى تعوض ما يفقده المريض .. ويمكن اعطاءه ممزوجا بالماء ( الذى سبق غليه ) .. ثم استشارة الطبيب .. ولعسل النحل فوائد اخرى عديدة .. منها استعماله كعلاج اولى فى حالات الحروق .. حيث يقوم بدور واق كالجلد .. ويمنع الميكروبات من غزو الجسم وإحداث التهابات بمكان الحرق .. حتى يتم مراجعة الطبيب المختص .
ومن هديه صلى الله عليه وسلم فى تغذية المريض .. صنع ( التلبينة ) وهى من دقيق الشعير .. وقد قال صلى الله عليه وسلم (( التلبينة مجمة لفؤاد المريض , تذهب ببعض الحزن )) وقد بينت الابحاث ما للتلبينة من دور هام فى رفع الكفاءة المناعية .. وتقوية قلب المريض .. و ايضا دورها فى تحسين الحالة النفسية للمريض من خلال تأثيرها على كيميائية المخ ( السيروتينين و الدوبامين ) .
ومن نصائحه الوقائية الغالية صلى الله عليه وسلم قوله : (( من تصبح بـ 7 تمرات او عجوات لا يضره ذلك اليوم سم ولا سحر )) .. فالتمر على الريق بهذا العدد يمد الجسم بحاجته من الاملاح والمعادن لاحتوائه على املاح ومعادن كثيرة ( حديد , ماغنيسيوم , منجنيز , فوسفور ……… ) .. فيحفظه من هذه السموم والملوثات الكيميائية التي تغزو اجسادنا من خلال تلوث الماء والغذاء والهواء .. فضلا عن احتوائه على عناصر نباتية لها تأثير هرمونى ( كتأثير هرمون اكسيتوسين , وتأثير هرمون الانسولين .. ) تحسن من اداء الجسم الإنساني .. ونظرا لفوائد التمور الجمة فقد غزت معظم الاسواق الاوربية .. وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم (( الحبة السوداء شفاء لكل داء إلا السام )) وفى بحث طبى اجرى بأمريكا وجد ان الحبة السوداء ترفع الكفاءة المناعية بين كل الخلايا المناعية تتراوح بين 50% الى 70 % .. وهذا مفيدا جدا فى ظل محاصرتنا بالإضافات والمكسبات الغذائية والمواد الكيميائية الحافظة لها والتي تثبط جهازنا المناعى .
وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على النظافة فى كل شئ .. نظافة البدن ( بالاغتسال ) .. نظافة الأيدي ( بغسلها في الوضوء وقبل الاكل وبعده ) .. نظافة الفم ( باستعمال السواك ) .. وحتى نظافة الملبس وقد امرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بان نكون بين الناس كالشامة او العلامة المميزة بنظافتها وطهارتها الظاهرة .. فضلا عن الباطنة .
وأيضا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التبول فى الماء الدائم .. او حتى الراكد او تحويل الصرف الصحي لمجرى الماء .. وعن التبرز فى الاماكن التى يستظل بها الناس .. ومعلوم طبيا ان ذلك من أكثر أسباب شيوع أمراض البلهارسيا والانكلستوما .. وغيرها من الأمراض ( التيفود , التهاب الكبد الوبائى ….. ) وجعل ذلك من الملاعن الثلاث فقال صلى الله عليه وسلم (( اتقوا الملاعن الثلاث البراز فى الموارد وفى الظل وفى طرق الناس )) .
وقد نصحنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حالة انتشار وباء ببلد ما .. إلا يخرج منها اهلها .. ولا يدخلها احد .. او ما يسمى حاليا بالحجر الصحي تجنبا لانتشار ذلك الوباء حتى يتم علاج المرضى وذهاب ذلك الشر الوبيل .
وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن قطع الأشجار لما لها من دور هام فى تنقية الهواء وإمداده بالأكسجين وإزالة ملوثات الهواء الذي يحدث نتيجة عوادم السيارات ومداخن المصانع .. وقال صلى الله عليه وسلم آمرا للمسلمين وحاثا لهما على الزراعة حتى فى اخر لحظة فى هذا الكون (( اذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة .. فليغرسها )) الفسيلة الزراعة أو النخلة الصغيرة .
وأخيرا فقرآننا .. وسنة نبينا مليئة بكل الذخائر الطبية التى تحتاج الى البحث .. والى الخوض فى اعماقها للفوز بما فيها من جواهر ولآليء طبية نفيسة .. وإلا يكون موقفنا منها موقف المعارضة بغير علم .. وتكفينا اية واحدة بكتاب الله لو عملنا بها .. لتوقينا شرورا مرضية كثيرة (( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا , انه لا يحب المسرفين )) .. ولكننا اسرفنا فى كل شئ فى المأكل والمشرب حتى فى قلة الحركة والخوف من المستقبل .. فأصابنا القلق والتوتر وأمراض العصر الحديث – فعودة الى كتابنا وسنة نبينا بحثا واطلاعا مع الاخذ بكل الاسباب الطبية المتاحة للعلاج .. وتوكلا على العزيز الرحيم الذى يدبر الامر فى الارض والسماء .. والذى بيده كل الشفاء .
* باحث الطب النبوي
[email protected]