لوحظ في السنوات القليلة الماضية وجود أعراض وامراض تصيب الفتيات الممارسات للرياضة، ويعود ذلك الى محاولتهن الحفاظ على ارقامهن القياسية ومراكزهن في الالعاب المختلفة، مما يتطلب منهن محاولة ممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على قوة الجسم ولياقته واتباع نظام غذائي خاص للمحافظة على وزن الجسم.
وقد وجد ان اتباع هذه البرامج بصورة قاسية ولفترات طويلة يؤدى لظهور اعراض مرضية مختلفة، وتكمن هذه الاعراض والامراض فيما يلي:
– اضطراب في الدورة الشهرية وعدم انتظامها او فقدانها بشكل دائم.
– كنتيجة لاضطراب الدورة الشهرية وجد ان اولئك الفتيات يعانين من نقص في كثافة العظام في بعض مناطق الهيكل العظمي.
– عدم الحصول على التغذية الضرورية من خلال الوجبات الغذائية والتي يتم الحصول عليها غالبا بطريقة عشوائية غير منتظمة.
في الكثير من الالعاب الرياضية هناك ضغوط زائدة على الرياضيات الصغيرات لجعلهن يفقدن من اوزانهن او على الاقل المحافظة على الوزن الموجود من الزيادة ، وذلك للمحافظة على ارقام قياسية في المسابقات وخاصة مسابقات الجري، او للمحافظة على مرونة الحركة والرشاقة في العاب الجمباز وغيرها، ان اغلب هذه الرياضات تمارسها فتيات في سن الطفولة غالبا او في سن ما قبل البلوغ. ومع مرور الوقت تصبح برامج التدريب لهن امرا عاديا وطبيعيا بحيث تنسى الواحة منهن ان كان هناك تأثيرات جانبية لهذه التمارين، وقد تصل نسبة انقطاع الدورة في بعض الالعاب الرياضية إلى 100%، ويطلق عليها اسم انقطاع الدورة الثانوي عند الرياضيات.
اسباب انقطاع الدورة الشهرية عند الرياضيات:
لا يمكن تحديد سبب هذه الاعراض ولكن هناك عدة عوامل متداخلة وافكار طرحت لاسباب محتملة لظهور هذه الاعراض، وعلى سبيل المثال وجد ان العامل الغذائي له دور مهم واساسي في ظهور الاعراض، حتى ان هناك فرضيات تقول ان كمية السعرات الحراري التي تحصل عليها الرياضيات اللواتي يعانين من مشاكل في الدورة الشهرية هي اقل من النساء غير المصابات.. وقد اجريت دراسات متعددة بهذا الخصوص، فوجد ان كمية السعرات الحرارية التي تحصل عليها من تمارس رياضة الجري وتعاني من اضطراب في الدورة هي اقل منها عند من تمارس نفس الرياضة ولا تعاني من مشاكل الدورة، وقد يصل هذا الفرق الى 520 سعرا حرارياً في اليوم.
وفي بعض الالعاب الرياضية مثل رياضة الجري او الجمباز او الرقص الفنى والرياضى على الجليد ورقص الباليه، تحول برامج التدريب والظروف المحيطة باللعبة دون الحصول على وجبات غذائية كاملة، وفي اوقاتها، مما يؤدي الى اضطراب في تناول الوجبات وفقدان الشهية والذي بالتالي يؤدي بالرياضية الى الدخول بما يسمى فقدان الشهية العصبي.
هذا وقد اجريت سابقة دراسة بينت ان 48% ممن يمارسن التزحلق على الجليد يتناولن الطعام بصورة عشوائية تماثل تلك التي عند من يعانين من فقدان الشهية العصبي ووجد ايضا ان11 % ممن يمارسن التزحلق على الجليد يعانين من نفس المرض.
إن اضطراب تناول الطعام والتغير في السلوك الغذائي يؤدي الى ظهور كثير من الامراض وحتى قد يؤدي الى الموت في بعض الحالات وقد يؤدي الى فقدان القدرة على القيام بالواجب الرياضي المطلوب، ومع مرور الوقت وكنتيجة لسوء التغذية وعشوائيتها من ناحية واضطراب الدورة الشهرية من ناحية ثانية، قد تعاني الرياضية من اعراض هشاشة العظام.
دور اضطراب الدورة الشهرية في تكوين العظام:
بشكل عام فإن الفتيات الرياضيات لهن عظام ذات كثافة عالية مقارنة بالفتيات الطبيعيات وذلك بسبب التمارين والنشاط الرياضي الذي يؤثر على تكوين العظام وايضا بفعل الشد الميكانيكي للعضلات. ولكن ليس كل الرياضيات يتصفن بهذه الخاصية، وخاصة الرياضيات اللواتي لديهن اعراض عدم انتظام الدورة الشهرية او انقطاعها، حيث وجد انهن يعانين من نقص في كثافة العظام في مناطق مختلفة من الجسم، وقد اجريت دراسة على الرياضيات المصابات باضطراب الدورة واللواتي يمارسن رياضة الجري، والرياضيات اللواتي يمارسن نفس الرياضة ولكن غير مصابات، تبين منها ان كثافة العظام في الفقرات القطنية للعمود الفقري لدى الرياضيات المصابات اقل بنسبة تتراوح ما بين 10- 20٪ مما يدل على ان هناك علاقة مباشرة بين كثافة العظام واضطراب الدورة الشهرية عند الرياضيات، وقد اجريت دراسة اخرى ولكن على عظم الفخد كونه يقع مباشرة تحت تأثير الوزن الرياضي وكانت النتيجة متقاربة مع الدراسة السابقة اي ان نسبة كثافة العظم عند الرياضيات المصابات باضطراب الدورة الشهرية هي اقل بحوالي 15 % من الرياضيات غير المصابات.
هل يمكن السيطرة على فقدان كثافة العظم؟
تشير الدراسات الى وجود تحسن ملحوظ على كثافة العظم الموجودة في الفقرات القطنية بنسبة 2 – 5% عند الرياضيات اللواتي عملن على التقليل من وقت التمارين الرياضية، او الرياضيات اللواتي ازدادت اوزانهن. واكبر الدراسات اثبتت ان التحسن في كثافة العظام تعتمد مباشرة على التحسن في اضطرابات الدورة الشهرية، وقد يكون هذا التحسن بسيطا وغير ملاحظ الا انه مهم ويعتمد على كمية الانسجة والاملاح المعدنية التي فقدت اثناء اضطراب الدورة الشهرية.
العلاج والوقاية
كما هو معروف ان الوقاية خير من العلاج، ولكن الوقاية عند الرياضيات في اغلب الاحيان صعبة للغاية نظرا لظروف اللعبة والمنافسة مع الغير. فالرياضيات عادة ما يرفضن تخفيف الوزن او التخفيف من برامج التدريب، ولكن يمكن اتخاذ بعض الخطوات للحد من الاعراض ومن ذلك تحسين التغذية والعمل على عودة الدورة بشكل طبيعي، واذا لم ترجع الدورة الشهرية خلال 6 اشهر يصبح من الضروري للرياضية مراجعة الطبيب المختص لوصف العلاج الطبي اللازم، مثل العلاج الهرموني، بالإضافة الى بعض الاملاح مثل بعض املاح الكالسيوم وفيتامين د.
د. عبدالله احمد عثامنة
اختصاصي جراحه العظام وامراض المفاصل