يشكل ثقل الساقين إزعاجا لا يوصف للعديد من النساء والرجال نظرا لما يترتب عليه من تأثيرات سلبية على مجرى الحياة اليومية والوظيفية.
ولثقل الساقين اسباب عديدة لكن يمكن اعتبار القصور الوريدي السطحي المزمن (وجرت العادة على تسميته بمرض الدوالي) والذي يصيب قرابة نصف نساء العالم من اكثر العوامل المؤدية لظهوره.
وقد يصاحب ثقل الساقين أعراض أخرى مثل تشنج وأوجاع وانتفاخ وخدران الساقين بالإضافة إلى وجود توسعات دوالية لكن ما يشكل احدی صعوبات تشخيص المرض ان 40% من حالات ثقل الساقين لا يصاحبها دوالي مهمة ظاهرة للعين.
يعني القصور الوريدي أن الأوردة السطحية لم تعد تقوم بدورها بشكل كاف في إرجاع الدم من الأطراف الى القلب، والمرض يتطور على مراحل، ويمكن تلخيص ما يحدث في حالة مرض الدوالي والأعراض الناتجة عنه مثل ثقل الساقين بأن هنالك توسع في قطر الأوردة السطحية وقصور في عمل الصمامات الوريدية وانعكاس في سريان الدم من الأوردة الداخلية الى الأوردة السطحية.
يظهر ثقل الساقين بسبب وجود احتقان في الدم داخل أوردة عضلات الساق التي لا تستطيع إرجاعه إلى القلب بسبب وجود ضخ دم في الاتجاه المعاكس من اعلي الى اسفل تقوم به الأوردة الداخلية.
وهنالك ظروف خاصة تؤدي بالإنسان للشعور بثقل في الساقين وذلك نتيجة تأثيرها سلبية على وظيفة الأوردة السطحية فالأوردة بحاجة للمضخة العضلية لضخ الدم من الساقين وعدم احتقانه وكل ما يؤدي للكسل ولعدم الحركة يؤثر سلبيا على رجوع الدم ويزيد من حدة الثقل. واهم هذه الظروف البقاء لوقت طويل في وضع الوقوف دون حركة كافية ( كما يحصل لدى الممرضات والمضيفات ومصففات الشعر وخلال أعمال المنزل الشاقة)، وكذلك الوضع الذي يتطلب المكوث جلوسا دون حركة لفترة طويلة (كما يحصل بعد عملية جراحية أو خلال السفر الطويل الذي قد يؤدي احيانا للاصابة بجلطات وريدية).
كما ان التعرض المسرف للحرارة مهما كانت مصادرها تزيد من حدة ثقل الساقين ومن احتقان الدم في عضلات الساق (الحمامات الساخنة – حرارة الشمس الكثيفة – الساونا والجاكوزي – التدفئة الأرضية – المراهم الساخنة)، ومن العوامل المهمة لظهور ثقل الساقين ايضا التغييرات الهرمونية التي قد تبدأ منذ فترة المراهقة وخلال فترات التحمل وأثناء الدورة الشهرية او بعد انقطاع فترة الحيض وقد يزداد الثقل لدى بعض النساء اثناء اتباع علاج مانع للحمل او علاج هرموني اخر وخصوصا بعد سن اليأس والذي يعني علمية أن الأوردة قد تصاب لاحقا بجلطة دموية من جراء هذا العلاج، ويزداد الثقل أيضا لدي البدناء والذين لديهم اسبقيات عائلية بمرض الدوالي.
وفي المقابل، فان هنالك بعض الظروف التي تحسن من درجة ثقل الساقين لكنها تشكل طريقة مثلى لتشخيص دور توسع الأوردة السطحية في التسبب بالمرض، فتخف حدة الثقل أو يزول نهائيا عندما يستلقي الانسان رافعا ساقية سواء أثناء الراحة أو النوم لان ذلك يؤدي إلى تصريف الدم المحتقن في اوردة العضلات وعودته الى القلب، كذلك تلعب رياضة السير على الاقدام والسباحة في الماء المعتدل الحرارة دورا ايجابيا في تخفيف حدة الثقل، ويتحسن الثقل او يزول خلال فترات الجو غير الساخن وبعد حمام بماء بارد او فاتر مما يؤدي لتقليص قطر الأوردة السطحية المتوسعة.
وخير دليل على تشخيص دور الأوردة السطحية في ظهور ثقل الساقين (وفي الوقت ذاته يشكل جزءا من العلاج)، تخفيف الثقل وزواله عند تلقي علاجا مقوية لعمل الأوردة السطحية وعند وضع كلسات طبية خاصة ذات ضغط معين يصفها الطبيب المختص.
لكن التشخيص السليم يتم في عيادة اختصاصي أوعية دموية من خلال الفحص السريري وبعد اجراء فحوص تكميلية مثل الدوبلر والايكو – دوبلر الكفيلة وحدها بتشخيص المرض وتقييم درجة التوسعة واختيار الطريقة العلاجية المثلى وتخليص المريضة من ازعاج الثقيل ومضاعفاته في المستقبل.
فثقل الساقين ليس بمرض بقدر ما هو إزعاج في الحياة اليومية والتخلص منه ليس بالصعب اذا تم تشخيص العامل المسبب بصورة مؤكدة لان احتقان الدم في اوردة عضلات الساقين وعدم استطاعته الرجوع بحرية للقلب يشكل المرحلة البدائية لمضاعفات من أبرزها إمكانية حدوث جلطة وريدية وما يترتب عنها من عواقب مؤسفة يمكن تفاديها بسهولة.
د. سهيل الصويص
اخصائي أمراض وجراحة الأوعية الدموية