اصبحت القوى النفسية فوق الطبيعة (الحاسة السادسة) من الحقائق العلمية المقرة وانهالت التجارب العلمية المخبرية لتؤيدها، حيث توصلت جمعيات البحث النفسي المنتشرة في كافة ارجاء الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية ان لدى الانسان ملكات نفسية خارقة اهمها تناقل الافكار، Telepathyورؤية الاشياء من وراء حواجز Clairvoyance والتنبؤ Foreknowledge وان هذه المواهب فوق الطبيعة لا تتوفر الا في افراد قلائل الا ان الفرضيات والنظريات لمحاولة تفسير هذه الظاهرة كأي نظريات وفرضيات سبقت الحقائق العلمية المكتشفة كانت موضع جدل وترافقت احيانا مع افكار العلماء او تحفظهم لعدم قدرتهم على معرفة ماهية هذه القوى وتفسير آلياتها ومحاولاتهم اخضاعها الى قوانين الطبيعة الفيزيائية التقليدية.
وقد تغيرت اراء هؤلاء العلماء حديثا باعتبار ان هذه الحاسة حقيقة ملموسة ومعترف بها مثلها مثل اي حقيقة علمية توصل اليها البحث العلمي وانه لابد من الوصول الى تفسير ملائم وكشف الآلية التي تعمل بها هذِه القوى من منظور علمي يتجاوز طرق البحث والقوانين الطبيعية الحالية، ولعل ما فجر هذا الانقلاب في التوجه الايجابي للعلماء نظرية العالم المعروف (سينل) في كتابه (الحاسة السادسة )، حيث يرى هذا العالم ان كل انسان يمتلك حاسة سادسة غير الحواس الخمس المعروفة.
وان كل مادة في الكون (وكما هو مثبت علميا) تلتقط وتبث امواجا وذبذبات خاصة بها لا تدركها الحواس التقليدية وان (النتؤ الصنوبري الصغير) الموجود في اسفل الدماغ باتجاه النخاع الشوكى هو مركز الحاسة السادسة التي تدرك تلك الامواج والذبذبات وتتأثر بها احيانا، ومن الحقائق العلمية المعروفة ان العلماء لم يكتشفوا اية وظيفة فسيولوجية لهذا النتوء حتى الان على النقيض من بقية اجزاء الدماغ الاخرى.
وهو ما يدعم ما جاء به العالم (سينل) وما يؤكد هذه النظرية ايضا ان هذا النتؤ الصنوبري لدى الاطفال اكبر كثيرا منه عند البالغين وان الدراسات البارسيكولوجية وجدت ان الاطفال اكثر قدرة من هذه الناحية الحسية بالحدس والاستشعار ممن يكبرونهم سنا.
ومن الحقائق العلمية ان الكثير من الحيوانات اقوى من الانسان فيما يتعلق بالاعتماد على هذه الحاسة في حياتها الاعتيادية وهنا جلي في تغير سلوك الحيوانات قبل الكوارث الطبيعية – الزلازل، الكسوف، البراكين.. وحاسة الاتجاه في الحشرات والطيور والزواحف.
وفي الدراسات النفسية على الاشخاص البدائيين تبين ان لديهم قدرات عالية من هذه الناحية الحسية تفوق كثيرا المتمدنين ويرى العالم سنيل ان الحاسة السادسة في الانسان المعاصر تعمل بخفة شديدة بسبب انشغاله في العقل المدرك في تعقيدات الحياة وما يلزمها من تخطيط وتدبير وانشغال هذا العقل يحجب عن مركز الحاسة السادسة هذه الامواج والنبضات، وان الافراد الذين لديهم هذه المواهب الخارقة لا يستطيعون الوصول الى الحاسة السادسة الا في اجواء معينة تمكنهم من توثيق حركة التفكير (مؤقتا) ويعتبر العلماء الفيزيائيون المؤيدون لهذه النظرية ان الكون كله مؤلف من امواج متنوعة بعضها مكتشف والكثير منها غير مكتشف، وهذه الامواج عندما تتكتل تشكل (الاجساد) و (الاشياء) وان هذه الامواج تنطلق بلا انقطاع من كل مادة كونية مصطدمة بما حولها فتؤثر بها وعلى هذا الاساس اصبح من اليسير تفسير ظواهر تناقل الافكار وصدق الاحلام، والتنبوء .. الخ. انها من فعل الامواج غير المرئية التي تصل الى مركز الحاسة السادسة ان كان متهيأ وتؤثر عليه.
ونحن في حياتنا اليومية نجد كثيرا انفسنا منشرحين او مكتئبين من غير سبب واضح او من رؤية اشخاص معينين او دخول اماكن نرتاح فيها واخرى تنقبض صدورنا فيها ولقد ثبت علميا ان الذرة تخزن الامواج التي تتلقاها من الخارج ثم تطلقها بعد ذلك فذرات الهواء والجدران والاثاث في مكان ما تطلق هذه الامواج المنبعثة من ادمغة اناس اخرين ثم تطلقها علينا عند دخولنا مكانا ما فنتأثر ايجابا او سلبا من حيث لا نشعر بالارتياح او الامتعاض، ومن الثابت علميا ان الدماغ يبث امواجا تسجل حاليا بما هو معروف بتخطيط الدماغ وكذلك القلب والعضلات ولكل انسان امواج دماغية خاصة به يختلف فيها عن الاخرين مثل (البصمة) ومن الجائز ان هذه الامواج) تلتقي بأدمغة الاخرين من الناس.
وخلاصة القول اننا لانعرف الا الجزء اليسير عن طبيعة الحاسة السادسة ولا تزال الابحاث والدراسات المخبرية في اول الطريق ولا ندري ما اذا ستكشف لنا الابحاث المستقبلية من خفايا واسرار هذه الظواهر،فمن المحتمل ان تكون امواج الحاسة السادسة قصيرة جدا اقصر بكثير من الاشعة المكثفة فلا تدركها الاجهزة العصرية. ولعل في اهتمام الانسان بالنواحي المادية من الناحية العلمية وتفسير ما هو ظاهر في الكون نأي به كثيرا عن الاهتمام العلمي لتفسير الظواهر غير الملموسة ماديا وهو السبب في التأخر في ادراك ماهية هذه الظواهر الطبيعية الخارقة.
د. محمد عبدالكريم الشوبكي
مستشار الامراض النفسية والعصبية