إن عضلات وأعصاب الأطراف العلوية والسفلية للجنين والإحساسات المختلفة في هذه الأطراف تظهر في الأسبوع السادس والسابع من الحمل، وتنمو تدريجيا مع تقدمه .
وفي الشهر الثالث تكسي العظام بالعضلات وتكتمل تغذية العضلات بالأعصاب ، وتستلم الأعصاب رسائلها وأوامرها من الدماغ. وتبدأ العضلات الإرادية بالتحرك في نهاية الشهر الثالث، حيث نشاهد الجنين يمص أصابعه ، ويمسك بالحبل السري ويصبح كثير الحركة ويتقلب في الرحم، وينام ويصحو فالأم الحامل لا تستطيع أن تشعر بهذه الحركات في هذه الفترة من الحمل لأن حجم رحمها لا يسمح بعد بنقلها إلى جدار الرحم وبالتالي إلى جدار البطن، بينما تلاحظ الحركات الأولية فقط من خلال شاشة الجهاز فوق الصوتي.
مع تقدم الحمل تكثر وتزداد قوة حركة أطراف الجنين وعموده الفقري وتصل إلى قمتها في نهاية الشهر السابع بحيث يصبح الجنين عندها قويا ويستطيع الحركة بكل سهولة في الساحة الرحمية.
وتشعر الحامل لأول مرة ( البكرية ) بحركة طفلها عادة ما بين مطلع الشهر الخامس ومنتصفه ، اما الولودات فيشعرن بها في نهاية الشهر الرابع من الحمل. ففي البداية يكون الشعور بالحركة خفيفا ومبهما أشبه برفرفة الفراشة ولكنها تصبح مع مرور الأيام أقوى وتتكرر مما قد تستطيع الحامل فيما بعد تميزها بكل سهولة .
لا تتوقع الحامل ان يتحرك جنينها : باستمرار ، لان له ساعات راحة ونوم ، وأحيانا يمتد هدوءه وصمته مدة قد تزيد على أربع وعشرين ساعة متواصلة. لا يعني هذا بالطبع أن أذى قد لحق بالجنين، فهو سيعود للحركة ثانية وبقوة أكبر من ذي قبل . فلذا على الحامل أن تطمئن لهذا الوضع لأنه أمر طبيعي.
إن الشعور بحركات الجنين يختلف من حامل لأخرى ومن حمل لآخر ومن وقت لآخر. فمثلا تكون حركات الجنين في الليل أكثر نشاطا ووضوحا لأن سكون الليل يدع الحامل أن تكون يقظة أكثر على أي حركة من حرکات جنينها.
هناك أقاويل تشاع عند بعض الناس مفادها أن نوعية حركة الجنين تحدد إذا هو ذكر ام أنثى او شخصية نشطة او غير نشطة. فهذه الأقاويل عارية عن الصحة وليست مبنية على أسس علمية ولا يمكن من خلالها التكهن بجنس الجنين ومستقبله.
لا داعي للقلق والخوف إذا ركل طفلك في مكان ما من بطنك محدثا ألما ملموسا، فإذا حدث هذا فهو تعبير عن حركة عنف من قبل قدميه. عادة وفي مطلع الشهر الثامن من الحمل يثبت وضع الجنين حتى یوم ولادته ، فمن المعروف أن 6% من كل الأجنة تتجه برأسها إلى الأسفل أي يكون الراس باتجاه مدخل الحوض ، وفي مثل هذا الوضع تشعر الحامل بحركة الجنين في جانب بطنها . اما اذا اتخذ الجنين المجيء بالمقعدة فعندها تكون الحركة على أشدها في اسفل بطنها.
بعض الناس تتساءل عن صحة استجابة الجنين الى العوامل المؤثرة عليه مباشرة او على امه. فالواقع يطلعنا على أن الجنين يشعر ويتذوق ويسمع ويتألم ويتلذذ تبعا للتجارب التي يخضع اليها.
فالجنين يتحرك حركات بدائية منذ نهاية الأسبوع الثامن من الحمل ، تراه يحرك رأسه ويديه وجسمه بسهولة ، وإذا حاولنا الضغط على بطن أمه لتكتل تلقائيا وكأنه يدافع عن نفسه من التعرض إلى اللمس وهذا ما نشاهده بوضوح على شاشة جهاز فوق الصوتي. ولا نستغرب اذا سمعنا ان نوع الموسيقى تؤثر في تصرف الجنين. فأنغام الموسيقى الهادئة تريحه وتنظم حركاته في حين أن الموسيقى الصاخبة تزعجه وتجعله يتحرك وكأنه غير هاديء.
ومن هنا نستنتج أن الجنين ينمي أحاسيسه ومشاعره وحواسه منذ الفترة الأولى من تكوينه ويتأثر بأغلبية العوامل المؤثرة على أمه .
أخيرا نحب أن نلفت انتباه السيدات الحوامل إلى الأمور التالية التي يتوجب عندها مراجعة الطبيب وهي : اذا شعرت الحامل بضعف واضح في حركة جنينها مقارنة بحركاته السابقة أو إذا لم تشعر بحركته إطلاقا مدة يوم او يومين كاملين.
الدكتور سميح خوري
اختصاصي الجراحة النسائية والتوليد
