إن سوء التغذية وبخاصة الأطعمة التي ينقصها البروتين قد يؤثر على نمو الدماغ عند الأطفال الصغار تأثيرا يقعدهم عن الإفادة من التعليم إفادة تامة ، بل انه في الحقيقة يلحق بهم أذي يلازمهم مدى الحياة ، ولقد ساور العلماء الشك طويلا في وجود علاقة بين التخلف العقلي والنقص في تناول البروتين ، ولكن شكوكهم الآن قد تحققت صحتها مع الأسف .
هذا ما خلصت إليه عدة دراسات والتي بينت أن الأطفال الذين تقدر لهم النجاة من سوء التغذية في أولى مراحل حياتهم يعانون من العجز في تعلم القراءة والكتابة ، وهم اقل قدرة على الإفادة من المعرفة المتجمعة في متناول الجنس البشري بعامة .
وهذه النتائج تتفق مع غيرها في الأبحاث التي أجريت في أماكن متفرقة من العالم كأمريكا الوسطى ، والهند، واندونيسيا ، ويوغسلافيا ، على أطفال كانوا قد عانوا من سوء التغذية .
هذا وتشير الدلائل الكثيرة المتوافرة من البحوث التي أجريت على الحيوانات التجريبية ، والبيانات العلمية القيمة عن عينات من أطفال كانوا قد عانوا من سوء التغذية قبل دخولهم المدرسة في مختلف أنحاء العالم ، أن سوء التغذية خلال بعض الفترات الحاسمة من نمو الدماغ ( حتى سن الثانية أو الثالثة وربما في مرحلة ما من النمو الجنيني ) قد يؤدي إلى خلل دائم في بنيان الدماغ وعمله .
هذا وقد اکتشف ثلاثة علماء من كلية الطب في جامعة كاليفورنيا أن انعدام البروتين لم يؤثر على إناث الفئران وحسب بل على نسلها الذي اظهر وزنا مخيا أقل رغم تناول كميات عادية من الطعام، وهم يقولون ( إذا كانت للنتائج التي توصلنا إليها على الفئران دلالة بالنسبة للآدميين ، فعلينا أن ننظر بعين الاعتبار انه حتى بعد العودة الى تغذية كافية ، قد يستمر النقص العقلی جيلا آخر على الاقل ) .
يذكر أن المسألة ليست ببساطة مشكلة وإطعام الجائعين ، إذ أن سوء التغذية بين الأطفال لا يتأتي من قلة الطعام أو البروتين بقدر ما يتأتي من أن أولئك الذين يشرفون على تغذية الأطفال يعوزهم الوعي بعواقب سوء التغذية بين الأطفال ومضاعفاته .
هذا يتقدم الخبراء بمقترحين : أولهما مشروع إجراء بحث لتقييم الآثار التشريحية والكيميائية العضوية والسلوكية لسوء التغذية قبل دخول المدرسة بين الأطفال الفقراء في جميع الأقطار، وفي الوقت ذاته ينبغي للسلطات التعليمية في جميع الأقطار أن تبلغ على الفور بالأخطار الكامنة في سوء التغذية خلال فترات حرجة من نمو الطفل ، ويجب أن تشن حملات آنية على الصعيد الوطني لتنوير المعلمين والآباء بحجم المشكلة .
بقلم : دانیال بهرمان
مصدر الصورة
pixabay.com