في أية شريحة سكانية يكون عدد النساء الأرامل أكثر بعدة أضعاف عدد الرجال الذين فقدوا زوجاتهم، فاذا استعرضنا عشيرة ما سنجد أن عدد النساء الأرامل يفوق 10% من عدد العائلات بينما لا يتجاوز عدد العائلات التي فقدت الزوجة 3% فقط.
وقد لا تخفي الأسباب المؤدية إلى ذلك على أحد ويمكن تلخيصها بسببين رئيسيين هما:
أولا: ان معدل عمر النساء في معظم سكان العالم يفوق معدل عمر الرجال بثلاث إلى خمس سنوات أي ان النساء يعشن أطول من الرجال بعدة سنوات وبالتالي إذا تزوج اثنان من نفس العمر فاحتمال انتقال الزوج الى العالم الآخر قبل الزوجة يكون أكبر.
وتفوق النساء على الرجال في معدلات العمر يعود الى ان التكوين البيولوجي والهرموني للمرأة يكسبها مقاومة اكبر للأمراض القاتلة کامراض القلب والشرايين والسكري وامراض الجهاز التنفسي والسرطان، كما أن النساء أقل من الرجال تدخينا للسجائر وتعاطيا للمخدرات وشرب الكحول وأقل تعرضا للموت أثناء الحروب وحوادث الطرق والطائرات وحوادث المصانع ولولا تعرضهن لمخاطر مضاعفات الحمل والولادة لكان الفارق في معدل الاعمار أكبر مما هو عليه.
ثانيا: ان معدل الفارق في سن الزواج بين الشباب والشابات في ازدياد مستمر ففي عصرنا هذا عندما يفكر الشاب بالزواج يكون قد وصل الى سن متقدمة في سن الشباب وغالبا ما يختار فتاة تصغره بسنوات تتراوح بين ثلاث إلى عشر سنوات وربما اكثر وأصبح من النادر زواج الشاب من شابة في نفس عمره.
والأسباب غالبا ما تكون اقتصادية اذ ينتظر الشاب بعد إتمام الدراسة الحصول على وظيفة ويبدأ بتكوين متطلبات الزواج التي اصبحت مرتفعة فمعظم الفتيات يطلبن جهازا مرتفع الكلفة وسكنا محترما وربما سيارة ويشترطن اقامة حفل الزفاف في أحد الفنادق او قاعات الأفراح، ودخل يفي احتياجات العيش في عصر تحكمه المادة مما يدفع الشباب الى تأجيل الزواج والاتجاه الى اتمام دراستهم والحصول على
شهادات عليا كالماجستير والدكتوراه سعيا وراء الحصول على وظائف بدخل أعلى، مما يؤخر زواجهم.
فاذا كان الفارق بين سن الزوج والزوجة كبيرا مضافا اليه الفرق في معدل العمر المتوقع للحياة بين الاثنين، اتضحت بذلك اسباب مغادرة الزوج هذه الحياة اولا.
مما سبق يتضح أن زواج الشاب من فتاة تصغره سنا قد يبدو مقبولا في بادئ الأمر، لكنه يصبح نقمة في مراحل العمر المتقدمة وبالأكثر على الزوجة، اذ يتركها زوجها مكرها لتصارع مشاكل الحياة، وقد يكون لمغادرة أحد الوالدين دون الآخر جانب ايجابي اذ ان بقاء أحدهما لرعاية الابناء وهدايتهم وكمرجع معنوي واجتماعي وعاطفي، خير من فقد الاثنين في أوقات متقاربة.
د. نشأت عماري