المهندس محمد هاني حرح
آفاق علمية وتربوية
يا للأسف!!! علومُ الفلك والفيزياء والرياضيّات من جبرٍ ومثلثات، والتي ورثناها عن أجدادنا الفارابي والخوارزمي وابن الهيثم وجابر بن حيان، كلّها كذبٌ ودجل.
علوُم الفلك الحديثة وقوانين الفيزياء النظريّة كالجاذبيّة والنسبيّة، والتي أخذناها عن نيوتن وأينشتاين وأمثالهم، مجرّد خرافاتٌ لا أساس لها.
علومُ الفضاء الحديثة، التي زرعتها بعقولنا ناسا وشركائها بالماسونيّة العالميّة، أيضاً كلّها وهمٌ وخيالٌ وسراب.
للأسف الكرة الأرضيّة ليست كرة، إنّما أرضٌ مسطّحةٌ كبيرٌة ثابتةٌ محاطةٌ بجدارٍ جليدي، ولا تدور حول نفسها ولا حول الشمس، أما الشمس والقمر فهم مجرّد جرمين صغيرين يسبحون في السماء فوق رؤوسنا بشكلٍ حلزوني.
أنا واثق أنّ مُعظم من يقرأ كلامي الآن مصدومٌ منه! ولكن! الصدمة الحقيقيّة أنّنا ومع وصولنا للقرن الواحد والعشرين وبعد كلّ التطوّر التكنلوجيّ المخيف بالعالم، ما يزال هناك من البشر من يُصدقّ كلّ الكلام السابق، بل ويؤمنون به بشكلٍ قطعي، ويعتبرون أنّ كلّ العلوم التي ذكرتها مُجرّد علومٍ زائلةٍ زائفةٍ مخادعة.
لتعرفوا كلّ أسباب الخلاف حول شكل الأرض، وتتيقّنوا شكلها بالدليل القاطع تابعوني بهذا المقال حتى النهاية.
نظريّة الأرض المسطّحة هي نظرّيةٌ قديمةٌ ظهرت منذ آلاف السنين، أي قبل ظهور علم الفلك، ثم تجدّدت عبر العصور المتلاحقة بأساليب جديدةٍ ونماذج معدلة وتغيرّاتٍ مستمرةٍ وغير مستقرة.
وأصبح من الملاحظ في الآونة الأخيرة التزايد الكبير لمناصري هذه النظريّة بين العرب والمسلمين، ولهذا أحببت تخصيص هذا المقال لتبيان أوجه الخلاف وأسبابه ما بين الكرويين والمسطحين انطلاقاً من ثلاثة أوجه، في الدين والتجارب البسيطة المنفّذة كأدلة وأخيراً بعلم الفلك الحديث، وكلامي سيكون موجّهٌ بشكلٍ خاصٍ لبعض البشر الذين دخل الشك قلوبهم حول شكل الأرض.
الوجه الأوّل للخلاف هو الوجه الديني، وهو الهاجس الأكبر لكثير من الناس المشكّكين، وهنا يجدر بي التنويهُ بأني انسانٌ مسلمٌ عادي، أي لست عالم عقيدةٍ ولا عالم فقهٍ ولست من كبار المفسّرين والمتمعّنين بمعاني القرآن الكريم، لذلك فمن الطبيعي أن اسمع رأي أهل الدين الحقيقيين، من كبار العلماء والأئمة ورجال الفقه والدين، وهؤلاء ينقسمون لقسمين:
القسمُ الأول هم كبار الأئمة والعلماء القدامى عبر التاريخ الاسلامي، فجزءٌ قليلٌ منهم اجتهد وفسّر القرآن واعتبر الأرض مسطّحة، والجزءُ الاكبر منهم اجتهد وفسر القرآن واعتبر من خلاله الأرض كرويّة، والبعض رفضوا الاجتهاد بهذا الموضوع ولم يبدوا أيّ رأيٍ مباشٍر وصريحٍ بشكل الأرض.
ومجرّد وجود هذا التفاوت الكبير يؤكّد أنّ القرآن لم يُشر لمعنى مباشرٍ وصريحٍ لشكل الأرض، ولو بتّ القرآن وجزم بشكلها، لاتفق كلّ العلماء على رأيٍ واحدٍ مطلقٍ ليس فيه أيّ خلافٍ وغير قابلٍ للنقاش.
وسأضعُ بختام مقالي هذا رابط مقاٍل للدكتور عبد الرحيم خيرالله الشريف، والذي قام بمجهود يُشكر عليه بتجميع كتب أهمّ أئمة الإسلام عبر التاريخ، ونقل اجماع الكثير منهم على كروية الأرض.
أما القسم الثاني فهم علماء الدين المعاصرين:
فقد كان لهم نظرةً أوسع من سابقيهم، بسبب التطوّر العلميّ الكبير الذي أعطاهم القدرة على ربط الدين بالعلم والوصول للجواب النهائيّ عن شكل الأرض الكروي.
ولكن للأسف ظهر علينا بعض الشباب الطموحين والمندفعين نحو تفسير القرآن، وبدأوا يشيعون بين الناس بأنّ الأرض مسطّحةٌ بشكلٍ جازمٍ ونهائيٍ حسب تفسيرهم للقرآن.
فهل من المعقول أنّ هؤلاء الشباب يفقهون بالدين أكثر من كبير علماء الفقه والعقيدة في العالم الإسلامي العلّامة الشيخ محمّد سعيد رمضان البوطي، والذي جزم بكرويّة الأرض.
وهل هم أكثر عقيدة وفقه من الشيخ العلّامة المحدث محمّد ناصر الدين الألباني، الذي أكدّ عدم وجود أيّ دليلٍ من القرآن يتعارض مع كرويّة الأرض.
أيضاً الشيخ الفاضل محمّد متوليّ الشعراوي والدكتور العالم محمد راتب النابلسي، وهيئة علماء المسلمين وكبار علماء الحرم المكّي الشريف جميعهم يسلّمون بكرويّة الأرض.
وسأضع بنهاية المقال روابط فيديوهاتٍ مصورةٍ لبعض كبار علماء الدين المعاصرين، يتحدثون فيها عن كرويّة الأرض بأدلةٍ من القرآن الكريم.
هنا أتوجّه برسالتي للنّاس البسطاء الذين ينجرّون وراء إشاعة الأرض المسطّحة، فهل من المنطق أنّ نُكذّب كل علماء الدين الذين يعيشون بيننا اليوم، ونشأنا على أخلاقهم وعلومهم وصدقهم، مقابل تصديق بعض الشباب المندفع بتفسيرهم الخاطئ للقرآن.
الآن لنطوي صفحة الدين، وننتقل للوجه الثاني من أوجه الخلاف بين الكرويين والمسطحين، وهو التجارب البسيطة التي يُنفذها كلّ طرفٍ لإثبات كلامه ونظريّته.
الحقيقة.. هنا تكمن مشكلةٌ كبيرةٌ تواجه كلا الطرفين، تسببّ حدوث خللٍ معيينٍ بكلّ تجربة، فيُصبح نقضها من الطرف الآخر أمراً بسيطا ، وأهمّ أسباب هذا الخلل هو إمّا أن منفّذ التجربة لا يملك العلم الكافي للإحاطة بكامل ظروف التجربة المطابقة للواقع، أو أنّه لا يستطيع التحكّم بكلّ متغيّرات التجربة بسبب استحالة التحكّم بالظروف الجويّة وتوحيدها، ومن أساسيّات نجاح العلم التجريبيّ والبحث العلميّ هو التحكّم الكامل بكل متغيّرات التجربة ومطابقتها للواقع.
ومن هنا أصبحنا نرى عشرات التجارب المنفّذة من الهواة لإثبات تسطّح الأرض أو حتى لإثبات كرويتها، ولكنّها لا تعدو كونها تجارباً غير مكتملة الأركان ولا تصلح لاعتمادها كدليلٍ مطلقٍ للحكم على شكل الأرض.
الآن بعد أن عرفنا رأي علماء الدين، ثم عرفنا سبب عدم دقة التجارب، يتوجّب علينا الانتقال للوجه الثالث والأهمّ من أوجه الخلاف بين الكرويين والمسطّحين، وهو علم الفلك الحديث.
مناصري الأرض المسطّحة يعتبرون أنّ هذا العلم مخادعٌ زائفٌ غير حقيقي، وأنّه علمٌ مُستحدث من المتآمرين على الاسلام، وهذا كلامٌ خاطئٌ تماماً، لأنّه من المعروف أنّ علماء العرب والمسلمين كان لهم الفضل الأكبر بتأسيس علم الفلك وبناء نموذج الأرض الكروية.
هنا سأتكلم قليلاً عن علم الفلك ومقدار مساهمته في اثبات النموذج المعروف للأرض.
علم الفلك هو علمٌ كبيرٌ واسعٌ يعتمد أُسس الفيزياء والرياضيات من جبرٍ ومثلثاتٍ وهندسةٍ فراغيّة، بالإضافة لاعتماده الرصد والمتابعة الدقيقة لكلّ الظواهر الفلكية من آلاف السنين وحتى يومنا هذا.
بدايات علم الفلك كانت بسيطة وتعتمد على المشاهدة والرصد، وهذا ما أمكن العلماء بالماضي بالتّنبؤ بمواعيد معظم الظواهر الفلكيّة المعروفة لنا، كالكسوف والخسوف وظهور المذنّبات والهطولات الشهابيّة ومواقع الكواكب القريبة وغيرها من الأحداث، ولكنّها كانت تنبؤاتٍ غير دقيقةٍ وتتكرر بهامش خطأٍ يتراوح ما بين عدّة ساعات وعدّة أيام، لأنها اعتمدت بشكل رئيسيّ على الرصد الدوريّ عبر السنين.
ومع تطوّر علوم الفيزياء والتطوّر التكنولوجي الكبير، استطاع العلماء باستخدام أساليب قياسٍ متطورةٍ من تحديد الأرقام المتعلقة بالنظام الشمسيّ بشكل دقيق، وعلى سبيل المثال:
تمّ تحديد وقياس قطر الأرض ومحيطها وسرعة دورانها حول نفسها وزاوية ميل محورها، وكذلك قياس بُعد الأرض عن القمر بدقّةٍ متناهيةٍ بواسطة شعاع الليزر، وقياس قطر القمر وسرعة دورانه حول نفسه وحول الأرض، واستنتجوا بعلم المثلّثات بُعد الأرض عن الشمس وسرعة دورانها حول الشمس.
وتمّ بناء معادلاتٍ رياضيّةٍ معقّدةٍ جداً، أُدخلت فيها كلّ البيانات والفرضيّات والأرقام المحسوبة، ووصل العِلمُ من خلالها لإصدار التقويم الفلكيّ الذي يُحدد تواريخ دقيقةٍ جداً لكلّ الظواهر الفلكية المتوقع حدوثها مستقبلاً حول الأرض.
وطبعاً علوم الرياضيّات من جبرٍ وهندسةٍ فراغيّةٍ ومثلثات، من المستحيل أن تكذب، وأيّ معادلةٍ رياضيّةٍ فيها مُدخلٌ واحدٌ خاطئٌ ستُعطي نتائج غير متطابقةٍ مع الواقع، وهذا ما يجزم بصحّة الأرقام المحسوبة وبالتالي يجزم بكرويّة الأرض.
ومن أهمّ أمثلة التقويم الفلكيّ قدرته على تحديد مواعيد دخول الأشهر القمريّة بدقّةٍ متناهيةٍ بالدقيقة والثانية، ولكلّ موقعٍ ونقطةٍ على سطح الأرض، وتحديد الدول التي تستطيع رؤية الهلال بالعين المجرّدة أو بالتلسكوب، وكذلك الدول التي يستحيل عليها رؤية الهلال.
هنا وبختام المقال أتوجّه برسالتي الأخيرة لكلّ من دخل الشّك قلوبهم حول شكل الأرض، وأنصحهم بالتوجّه لمن يدّعون العلم بتسطح الأرض، ويطلبوا منهم بناء نموذجٍ رياضيٍّ متكاملٍ يُعطي تقويماً فلكياً دقيقاً، بشرط أن يُبني على أساس تسطّح الأرض وثباتها وعدم دورانها، وأنا أجزم بعجزهم عن ذلك لأنه وبكلّ بساطة في العلم والرياضيات 1+1=2 وإذا بدّلنا الرقم واحد برقم آخر لن تصح المعادلة، وستُعطي جواباً جديداً، وبالتالي توقعاً مختلفاً غير مُتطابقٍ مع الواقع.
لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع يمكنكم متابعة الفيديو التالي:
رابط مقال بعنوان: علماء الإسلام يجمعون على كروية الأرض، اعداد الدكتور عبد الرحيم الشريف:
رابط مقال بعنوان: توهّم تناقض القرآن حول طبيعة الأرض وشكلها من موقع بيان الاسلام:
http://www.bayanelislam.net/Suspicion.aspx?id=01-01-0054&value=&type=
رابط فيديو مصور للعلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي يتحدث فيه عن تفسير القرآن لكروية الأرض:
رابط فيديو مصور للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني يتحدث فيه عن تفسير القرآن لكروية الأرض:
رابط فيديو مصور للشيخ الفاضل محمد متولي الشعراوي يتحدث فيه عن تفسير القرآن لكروية الأرض:
رابط فيديو مصور للعالم الشيخ محمد راتب النابلسي يتحدث فيه عن تفسير القرآن لكروية الأرض:
http://www.bayanelislam.net/Suspicion.aspx?id=01-01-0054&value=&type=
رابط فيديو مصور للداعية الإسلامي الكبير ذاكر نايك في مناظرة ضد أحد الملحدين يتحدث فيها عن حركة الشمس وكروية الأرض حسب القرآن الكريم: