• أهم السدود المقامة على نهر دجلة
• السدود العراقية
• احتياجات العراق المائية
• الاتفاقيات الدولية والمياه
• الاستنتاج
الدكتور سعود شهابِ
آفاق علمية وتربوية
على ضفاف نهري دجلة والفرات سادت الكثير من الحضارات القديمة عبر التاريخ، وكانت تمثل مهد الحضارات الأولى في العالم، حيث نشأت حضارة سومر منذ 3500 ق.م ومن ثم جاءت أشور وبابل في 2000 ق.م. وبقدر ما كانت الأنهار في الماضي البعيد تحمل المياه والخصب والرخاء لبلاد الرافدين وشعوبها فقد كانت ومازالت تشكل مطمعاً للشعوب الأخرى في أرض ومياه بلاد الرافدين. ويعتبر نهر دجلة ثاني الرافدين إذ يبلغ طوله 1850 كم، وينبع من بحيرة هزار الواقعة في المرتفعات الجبلية إلى الجنوب الشرقي لتركيا، وينحدر جنوباً ليشكل الحد الفاصل ما بين تركيا وسورية بطول 50 كم في منطقة تسمى عين ديوار ذات الجسر الأثري الشهير، ثم يتابع سيره ليعبر الحدود العراقية من بلدة فيش خابور قاطعا في مسيرته هذه 1400 كم قبل أن يلتقي برافده الشقيق نهر الفرات ليشكلا معا شط العرب. يمتلك نهر دجلة خمسة روافد رئيسة تمده بحوالي 60% من المياه، ويبلغ تدفقه بالمتوسط 666 م3 بالثانية، وهذه الروافد الخابور، والزاب الكبير، والزاب الصغير، والعظيم، وديالي. ومن أشهر المدن الواقعة على ضفاف نهر دجلة ديار بكر في تركيا، الموصل، وتكريت، وبغداد في العراق. وتعود تسمية نهر دجلة إلى الفارسية Tigr وتعني النهر السريع، وفي التركية Dicle، وبالعربية كلمة دجلة مشتقة من فعل دَجَلَ بمعنى غطى إشارة إلى فيضان نهر دجلة وتغطيته الأرضي الواقعة على ضفافه في فصل الربيع.
أهم السدود المقامة على نهر دجلة:
يبين الجدول 1، اسماء السدود وسعاتها التخزينية من المياه، وكميات الطاقة الكهربائية الناتجة من محطات التوليد الكهرمائية في كل من تركيا والعراق.
سد إليسو: وهو أكبر السدود التركية المقامة على نهر دجلة، ويبعد عن الحدود العراقية مسافة 65 كم، يبلغ ارتفاعه 135 م وطوله 1820 م وعرضه 2 كم، وتبلغ استطاعته التخزينية 10.4 مليار م3، ويولد طاقة كهرمائية تبلغ 1200 ميغا واط. وقد تم تدشين السد في 2019 بعد توقف أعمال البناء فيه لفترات طويلة بسبب مشاكل في التمويل، ويعد أحد مكونات مشروع GAP التركي في جنوب شرقي الأناضول.
سد الجزرة: يقع إلى الجنوب من سد إليسو 35 كم وإلى الشمال من الجزرة 4 كم على الحدود السورية، وتبلغ سعته التخزينية 1.2 مليون م3 وبقدرة كهرمائية 240 ميغا واط. يهدف إلى إنتاج الطاقة الكهربائية وارواء 50000 هكتار. وهو أحد مكونات مشروع GAP التركي في جنوب شرقي الأناضول.
وقد أنجزت الحكومة التركية الكثير من السدود الصغيرة بهدف الري وتوليد الكهرباء، وهي بصدد التخطط لإنجاز بعض السدود في المستقبل القريب (جدول 2 و 3).
السدود العراقية:
سد الموصل: هو أكبر سد في العراق، ويقع على نهر دجلة إلى الشمال من مدينة الموصل بحوالي 50 كم. تبلغ سعته التخزينية 11.1 مليار م3، وينتج طاقة كهربائية تقدر ب 1052 ميغا واط. مع أنه رابع أكبر السدود في الشرق الأوسط إلا أنه يعاني من مشاكل يعود أساسها إلى أخطاء في دراسات التربة لموقع السد وأخطاء تصميمية وأخرى تنفيذية، ما تسبب بحدوث تصدعات متباينة في الجانب الأيمن لجسم السد، وانزلاق التربة في جانبه الأيمن.
سد سامراء: وهو سد مائي قرب مدينة سامراء العراقية، أنشئ عام 1955، ويرتبط بقناة مع منخفض الثرثار والذي يتسع لحوالي 12 مليار م3. الغرض من السد توفير مياه الري للأراضي الزراعية في محافظة صلاح الدين.
سد بادوش: يقع إلى الشمال من مدينة الموصل ب 16 كم، ومن المقرر ان يكون بديلاً لسد الموصل، ومخطط له أن يعطي 170 ميغا واط. وهو متوقف عن العمل منذ 2003.
سد مكحول: على نهر دجلة يبلغ طوله بحدود 3.6 كم وطاقته التخزينية 12 مليون م3، بدأ العمل فيه سنة 2000 ثم توقف العمل به.
احتياجات العراق المائية:
تجمع الدراسات المتخصصة بالمياه والري في العراق أن احتياجات العراق المائية تقدر بحوالي 50 مليار متر مكعب سنوياً، يغطي نهر دجلة 60% منها والباقي يأتي من نهر الفرات. كما أنه من المتوقع أن تزداد حاجة البلاد للمياه إلى 77 مليار متر مكعب في المستقبل، وفي الوقت الذي يتوقع أن ينخفض فيه تدفق المياه إلى 43 مليار متر مكعب سنويًا. كما حذر تقرير صادر من جمعية المياه الأوروبية من أن العراق قد يفقد بالكامل مياه النهرين بحلول عام 2040. وقد سلط التقرير الضوء على نهر دجلة، الذي قد يفقد 33 مليار متر مكعب من المياه سنويًا بسبب السياسة الجائرة لاستعمال المياه التي تتبعها تركيا. وسيكون لتخفيض كمية المياه في مجرى النهر تأثيرًا كبيرًا على المنشآت الهيدروليكية الحالية على نهر دجلة، وسيؤدي إلى تغيير النمط الطبيعي لتدفق مياه النهر، مع انعكاسات سلبية على إمدادات الطاقة ومحطات توليدها. ووفقًا لتقرير جمعية المياه الأوروبية، فقد انخفضت حصة المياه المتدفقة إلى العراق بمقدار الثلثين في السنوات الماضية، ومع استمرار هذا الانخفاض فقد بدأت مشكلة الجفاف بالظهور في السنوات القليلة الماضية. ويحذر التقرير من أن العراق يواجه كارثةً حقيقيةً، ما يعني أنه سيصبح امتدادًا لصحراء شبه الجزيرة العربية.
الاتفاقيات الدولية والمياه:
هناك العديد من المعاهدات والاتفاقيات التي تنظم حقوق المياه بين تركيا وسورية والعراق، أحدها معاهدة السلام بين تركيا والحلفاء الموقعة في مدينة لوزان، سويسرا في 24 يوليو عام 1932، التي تدعو إلى حماية الحقوق المكتسبة من قبل سورية والعراق في مياه دجلة والفرات. كما يوجد اتفاق (سوري عراقي) وُقِع في بغداد في 17 نيسان 1989، يهدف إلى توزيع مياه الفرات على الحدود التركية السورية بنسبة 58% للعراق و42% لسورية. وهناك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المياه لعام 1997 واستخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، وتفرض على الأطراف أن تضمن استخدام المياه العابرة للحدود بطريقة معقولة ومنصفة. وتحدد خصائص الحوض والسكان الذين يعتمدون على مياهه، إن كان استخدام أحد المجاري المائية يعد معقولاً ومنصفاً من خلال الاستعمالات الحالية والمحتملة أيضاً، وتأثير هذه الاستخدامات، وتوافر الاستخدامات البديلة والعوامل الأخرى. وفي كل الحلالات، يجب ان يكون استعمال المياه مستداماً، أي أنه ينبغي أن يراعي احتياجات الأجيال القادمة، وجيب أن يكون استخدام المياه مستداماً، أي ينبغي أن يراعى احتياجات الأجيال القادمة. وتقضي الاتفاقية أن تبرم الأطراف اتفاقات عابرة للحدود، وتنشئ هيئات مشتركة للتعاون بإدارة مياهها العابرة للحدود وحمايتها، واجراء تقييمات مشتركة أو منسقة لظروف مياهها المشتركة وفاعلية التدابير لمعالجة التأثيرات العابرة للحدود.
الاستنتاج:
تعد المياه أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى الحرب أو إلى السلام في الشرق الأوسط. وبتأثير النمو السكاني الضاغط على دول المنطقة، وازدياد الطلب على المياه للأغراض الاقتصادية والبشرية، ستصبح احتمالات الانزلاق إلى النزاعات المسلحة أكثر في المستقبل القريب. وأن المياه قوة وعندما تقل المياه، تحتل علاقات القوة دورًا بارزًا في تحديد مسار مياه الأنهار، وبالتالي إعادة ترتيب الخارطة الديمغرافي للسكان في أكثر بقاع العالم اضطراباً.
المصادر:
الأمم المتحدة (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا). 2018. اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية، اتفاقية المياه، الاستجابة للتحديات العالمية للمياه، ECE/MP.WAT/52 UNITED NATIONS PUBLICATION e-ISBN: 978-92-1-363107-2
– صاحب الربيعي، أزمة حوض دجلة والفرات وجدية التناقض بين المياه والتصحر، ط 1 ، دمشق 2000 ، ص 243-244.
– علي، عبد المنعم هادي. 2017. سد إليسو وتأثيره على الوارد المائي الداخل للعراق. مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية، (32): 152-162.
– منذر خدام. 2003. الامن المائي العربي، الواقع والتحديات. مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، بيروت، ص 30-31.