جغرافية الأسماء أو علم الأسماء الجغرافية Toponymy هو فرع من فروع الجغرافيا، ويهتم هذا العلم بالأسماء الجغرافية من حيث :
أولا – دراسة الأسماء وأصل اشتقاقها .
ثانيا – تحقيق الأسماء من حيث النطق و من حيث المواقع التي تطلق عليها .
ثالثا – دراسة تطور الأسماء الجغرافية، إذ أن كثيرا من المدن و الأقطار لم تكن تحمل أسماءها الحالية بل إنها كانت تحمل أسماء أخرى.
أما بالنسبة لأصل اشتقاق الأسماء الجغرافية فنذكر على سبيل المثال :
1) لفظ «أطلس Atlas » نسبة إلى تمثال زعم الأوروبيون القدماء أنه يحمل الأرض على كتفيه . وأول من استخدم هذا اللفظ للدلالة على « المصور الجغرافي » هو الجغرافي مارکیتور 1595 حين وضع صورة هذا التمثال على مصوره الجغرافي الذي يتكون من مجموعة كبيرة من الخرائط .
2) كلمة ارتوازية اشتقت من كلمة فرنسية هي أرتوا Antois وهي من أقدم المقاطعات الفرنسية التي حفرت بها الآبار .
3) کلمة البراري كلمة فرنسية بمعنى الأعشاب .
4 ) كلمة البامبا كلمة أطلقها الهنود الحمر على الحشائش .
5) اسم نهر «غواديانه » في جنوب غرب أسبانيا محرف عن تسمية العرب له الوادي اليانع.
6) كلمة صحاري ، ووادي كلمات عربية تستخدم في اللغات الأجنبية للدلالة على من نفس المعنى .
7) اسم مدينة فالا دولید في أسبانيا أصله عربي من بلد الوليد .
8) يقال إن « دمشق » سميت كذلك لأنهم دمشقوا في بنائها أي أسرعوا .
أما فيما يتعلق بتحقيق الأسماء من حيث النطق ومن حيث الموقع والمكان فنجد أن العرب قد ألفوا الكثير من المعاجم في هذا الموضوع . فمثلا يذکر ياقوت الحموي أنه لما كان في مرو عرضت قضية تتعلق باسم مكان هل هو حباشه ، بضم الحاء أم حباشه بالفتح ، فارتأى ياقوت أنه بالضم وخالفه الآخرون ، فأراد أن يثبت صحة ما ذهب إليه بالنقل عن العلماء فعمل في خزائن الكتب هناك طويلا فلم يجد بغيته ، وإن كان قد تثبت من الأمر بعد ذلك بمدة طويلة ، فكانت هذه الحادثة دافعا له على وضع المعجم.
يقول في ذلك : « فألقى حينئذ في روعي أفتقار العالم إلى كتاب في هذا الشأن مضبوطة، وبالإتقان وتصحيح الألفاظ بالتقييد مخطوطا، ليكون في مثل هذه الظلمة هاديا ، وإلى ضوء الصواب داعيا » .
ومن الكتب التي تتبعت أسماء البلاد وتحديد أماكنها کتاب ( مراصد الاطلاع في أسماء الأمكنة والبقاع ) ، لابن عبد الحق وإن كان قد نقل كثيرا عن معجم البلدان لياقوت الحموي .
ويذكر أبو الفدا في كتابه ( تقويم البلدان ) أن نهر حماه يسمي الأرنط والنهر المقلوب لجريه من الجنوب إلى الشمال ، ويسمى العاصى لأن غالب الأنهار تسقي الأراضي بغير دواليب ولا نواعير بل بأنفسها تركب البلاد ونهر حماه لا يسقى إلا بنواعير تنزع منه الماء. ويقصد أبو الفدا بذلك أن النهر يعصى على أن يسقى الأرض من تلقاء نفسه .
ويقول القلقشندي في كتابه ( صبح الأعشي ) مدينة مراكش بفتح الميم و تشدید الراء المهملة وفتحها وألف ساكنة ثم كاف ثم شين معجمة .
ويقول الإدريسي في كتابه ( نزهة المشتاق ) عند تحديده لمدينة عين سلوان ، سرت من بيت المقدس إلى مدينة بيت لحم فوجدت على طريق عين سلوان وهي العين التي أبرأ فيها السيد المسيح الضرير الأعمى ولم تكن له قبل ذلك عينان .
وتهتم جغرافية الأسماء كذلك بتتبع أسماء الأقطار والمدن والظاهرات الجغرافية وتطورها مثال ذلك :
1) البحر المتوسط ، كان يطلق عليه بحر الروم ، وبحر الشام والبحر الأبيض المتوسط ، وأصبح الاتجاه الحالي في التسمية البحر المتوسط ، وتأثر هذا الاتجاه بعاملين الأول أن هناك بحر أبيض آخر في شمال غرب روسيا ، والثاني الترجمة الحرفية لتعبير Mediterranean أي وسط الأرض .
وقد تمت بعض المحاولات لاختصار تسمية البحر المتوسط بحيث تصبح البحرسط ، فنقول مناخ بحرسطى ، أي بحر متوسط ولكن هذا التعبير لم پنل حظا كبيرا من التداول .
2) مثال آخر لتطور الأسماء ( جبل طارق ) ، الذي كان يطلق عليه قبل الفتح العربي ( أعمدة هرقل ) ، ثم أصبح معروفة باسم جبل الفتح ، ثم أطلق عليه جبل طارق .
3) كانت الجزيرة التي تقع جنوب شرق الهند تعرف باسم ( سرنديب )، ثم أصبحت التسمية ( سيلان ) ، وتغيرت التسمية مرة أخرى فصارت تعرف الآن باسم ( سيرلانكا ) .
4) تغير اسم مصر على مدى أقل من عشرين سنة ، من مصر، إلى الجمهورية العربية المتحدة ثم جمهورية مصر العربية .
ونستطيع أن تتبع الكثير من تغير أسماء الأقطار والمدن وذلك عن طريق متابعة الأحداث الجارية التي تنقلها لك وسائل الإعلام (صحافة – مجلات – إذاعة – تلفزيون – انترنت ).
ان علم الأسماء الجغرافية أو جغرافية الأسماء يرتبط ارتباطا وثيقا بالجغرافيا البشرية ولا سيما الجغرافيا الاجتماعية والجغرافيا التاريخية إذ أن الأسماء ترتبط بالبيئة الاجتماعية وبالسكان ، وتطور الأسماء يتطلب تتبعا تاريخيا يدخل في مجال الجغرافيا التاريخية .
مصدر الصورة
pixabay.com