اذا كنت في اي مكان على سطح الكرة الارضية ونظرت الى السماء في ليلة غاب قمرها وصفت سماؤها من الغيوم في فصل الصيف او الشتاء وخاصة الصيف فانك سترى السماء مكتظة بالنجوم من شمالها الى جنوبها، وستلفت انتباهك تلك الطريق الضبابية التي تعبر السماء فوق رأسك كأنها غيمة في السماء وهى ليست كذلك، فهذه هي مجرتنا درب التبانة التي دعاها العرب قديما نهر المجرة وأم النجوم، لان النجوم قد
اجتمعت فيها فطمس بعضها بعضا فكان منظرها كالضبابة.
هذه المجرة التي نحن جزء منها وشمسنا واحدة من شموسها وعددها 200 مليار شمس، تحتل من السماء مسافة تبلغ مائة الف سنة ضوئية ( وهي المسافة التي يقطعها الضوء في مائة الف سنة بسرعته التي تبلغ 300 الف كيلومتر في الثانية، حيث انه يقطع في سنة واحدة مسافة تقارب 4.6 مليون مليون كيلومتر).
وتقع الشمس منها على بعد ثلثي المسافة من المركز في مكان هادىء غير مكتظ بالنجوم كما هو الحال مع مركز المجرة وتتخذ مجرتنا شكلا لولبيا حلزونيا، فهي ذات اذرع تلتف حول مركزها تقطن شمسنا احداها.
واذا ما نظرنا الى ناحية برج القوس (الرامي) حيث مركز المجرة لاحظنا الفرق في الاعداد الهائلة من النجوم. وحيث ان برج القوس يظهر لنا في فصل الصيف فوق الافق الجنوبي، فنحن نرى درب التبانة لامعا في السماء.
الا ان اجمل ما يمكن ملاحظته في درب التبانة هو اختلاف شكل نجومها، فنجومها تبدو فرادى ناحية الشمال لانها قريبة منا، في حين تبدو ضبابية المنظر ناحية المركز لبعدها واكتظاظها هناك.
وفي المجرة غير النجوم اشكال سماوية اخرى، كالسدم الغازية التي تملأ الفضاء هنا وهناك، فمنها المشع ومنها المظلم وهي بقايا انفجارات النجوم او مادة النجوم الاولية التي تولد النجوم منها، بحسب شكلها، كسديم السرطان وسديم النسر على الترتيب. وكذلك العناقيد النجمية التي تتوزع في المجرة هنا وهناك على شكلين اثنين هما العناقيد المفتوحة كالثريا والقلائص Hyades وتتكون من المئات من النجوم تشترك معا في مركز واحد لكنها بعيدة نسبيا عن بعضها البعض، والعناقيد الكروية التي تحتوي على الالوف والملايين منها على شكل كرة تتجمع على اطراف المجرة.
الا ان اكثر ما يعرفه العلماء مميزا لمجرتنا هو النجوم الثنائية التي تشكل قرابة 60% من مجموع نجومها، وهي ثنائيات تدور حول مركز مشترك بينها، وربما تتعدى ذلك لتشكل انظمة ثلاثية او رباعية او حتى سداسية، كما الحال في نجم النسر الواقع ونجوم كثيرة معروفة.
هانى الضلع
الجمعية الفلكية الاردنية