تعد مدينة تلمسان ذات أصول حضارية عريقة وذات طابع إسلامي فريد، وتبعاً لما تمتلكه المدينة من حضارات فسوف نستعرض بعضاً منها، كما سنتعرف على أصل تسميتها، كذلك مختلف المعالم والأماكن التي تشتهر بها، والصناعات التي تأصلت في أكنافها وأعطت هوية خاصة ومميزة لسكان تلك المدينة العريقة.
أين تقع مدينة تلمسان
تقع مدينة تلمسان في منطقة جبلية على هضبة يصل ارتفاعها لحوالي ثمانمائة كيلومترًا في شمال غرب الجزائر، وتبعد عن الحدود المغربية بنحو أربعين كيلومترًا وعن العاصمة الجزائرية بنحو ستمائة كيلومترًا.
وبجغرافية المدينة نجد أن حدودها الشمالية هي سواحل البحر الأبيض المتوسط، وتحاط بالكثير من مزارع الزيتون والعنب مما يميزها بالطبيعة الخلابة نظرًا لاختلاف ما تحويه من مناظر طبيعية.
تأسست تلمسان في العصر الروماني في القرن الرابع الميلادي وعرفت باسم بوماريا، وأصبحت مستعمرة رومانية تحوي الكثير من المعالم وخاصة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
ثقافة مدينة تلمسان
مر على تلمسان الكثير والكثير من الثقافات والحضارات ويبلغ عددهم عشر حضارات، لكن يجب الإشارة إلى أن الدراسات التاريخية قد ذكرت أن السكان الأصليين للتلمسان هم الأمازيغ قبل دخول الرومان،
وفيما يلي سنقوم بسرد بعض الحضارات التي مرت على مدينة تلمسان:
- الحضارة الرومانية في منتصف القرن الرابع الميلادي.
- الحضارة الإسلامية على يد عقبة بن نافع عام ٦٧١ ميلادي.
- المرابطون على يد يوسف بن تاشفين عام ١٠٧٩ ميلادي.
- الموحدون على يد عبد المؤمن بن علي الكومي والذي استمر حكمهم لأربعين عامًا.
- الزيانية واستمر حكمهم لثلاثة قرون كاملة.
- المرينيون وكان حصارهم الأول للتلمسان بقيادة السلطان أبو يعقوب يوسف عام ١٢٩٩ ميلادي.
- الاحتلال الإسباني.
- العثمانيون بقيادة بابا عروج بعد تغلبه على الإسبان.
- الاستعمار الفرنسي عام ١٨٤٤ حتى ١٩٦٢ ميلادي.
ومما سبق ذكره نستنتج أن التلمسان مدينة تتميز بالتنوع الحضاري والثقافي والفكري والديني والاجتماعي الذي جعلها ذات مزيج وتنوع فريد لا يمكن الحصول عليه إلا في هذه المدينة الفريدة.
اشهر معالم مدينة تلمسان
تحتوي مدينة تلمسان على العديد من الأماكن السياحية سواءً كانت طبيعية أو تاريخية، كما أن التاريخية منها تتجسد فيها روح الإبداع نظرا لاختلاف مصدر كل مَعلم، وفيما يلي سنقوم بذكر بعض تلك المعالم، وأولًا التاريخية منها:
- قلعة أغادير وتمتد من حضارة الأمازيغ، السكان الأصليين للمدينة.
- قلعة النشور والتي بنيت في القرن السادس عشر لتصبح مقرا للحكم، ومن ثم تم تحويلها لكنسية ثم لمسجد بعد الاستقلال.
- قصر النشور أو القصر الملكي الزياني، وتم تشييدة في القرن الثالث الميلادي.
- متحف تلمسان والذي كان قديما مدرسة تعرف باسم المدرسة التاشفينية.
- المسجد الكبير والذي يرمز لحضارة المرابطين، وتم تشييدة عام ١١٣٦ ميلادي ومن ثم استكلمت المأذنة عام ١٢٣٦ ميلادي، ويعتبر مثالا واضحا ودليلا قويا على جمال المعمار الإسلامي.
- مسجد سيدي أبو حسن المجاور لياقية السبع، وترجع تسميته للعالم والقاضي أبي الحسن علي، تم تحويله إلى مدرسة ومتحف بعد ذلك.
- مسجد سيدي الحلوي.
- مسجد المنصورة.
- مسجد سيدي أبي مدين.
- ضريح الغوث سيدي أبي مدين رضي الله عنه.
- برج المنصورة ويعد من المعالم الإسلامية، وأهم ما يميزه أنه يجمع بين الجمال الحضاري والطبيعة.
- مدرسة العباد.
نتيجة لتنوع معالم مدينة تلمسان وآثارها وخاصة الإسلامي منها، اختيرت عام ٢٠١١ ميلادي لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية.
تتعدد الأماكن والمزارات السياحية التاريخية وما تم ذكره فهو مثال حي على أصالة وعراقة مدينة التلمسان.
جمال مدينة تلمسان السياحية
تعد تلمسان من المدن الجميلة، وتعتبر مقصد سياحي ترفيهي لتعدد مظاهر جمالها الخلابة ومنها.
- السواحل الشمالية للمدينة، فكما ذكرنا أنها تقع على سواحل البحر المتوسط، فتتميز بجمال سواحلها ومياهها.
- حمام بوغرارة ويعد مكانا سياحيا ترفيهيا وعلاجيا لما يحتويه من مياه معدنية وأماكن تأهيل مختلفة ومتعددة.
- هضبة لالة سيتي وتوجد أعلى المدينة.
- حديقة وممشى لالة سيتي.
- تحتوي المدينة على العديد من الشلالات التي تعطي منظرًا خلابا عند تدفق المياه على الجبال، ومن أطول وأشهر تلك الشلالات هو شلال الأوريت.
- نظرًا لتواجد المدينة في منطقة جبلية فتعد الجبال الشاهقة مكانًا سياحياً آخر، وخاصة لمحبي تسلق الجبال.
لا يقتصر الجمال الطبيعي للمدينة على المناظر الجمالية الخارجية، فينطوي داخل المدينة إحدى أجمل المغارات وهي مغارة بني عاد
وتوجد في منطقة عين فزة، وبخلاف جمالها الداخلي فقد زادها جمالاً تواجدها بجانب المساحات الخضراء والشلالات، فتغنى بها الشعراء وكانت مقصد للعديد من الفنانين.
وفي نهاية المطاف يعد التجول في شوارع المدينة ذو طابع مختلف وممتع، حيث يمكنك التمتع بجمال شوارعها وأبنيتها وكذلك سترصد عينيك جمال احتضان الجبال والمزارع الخضراء
والسواحل لتلك المدينة الفريدة، فيصبح التجول في الأزقة والشوارع نوعا من الترفيه، كما يمكن التمتع بركوب المنطاد و أخذ نزهة خاصة فوق المدينة ورؤيتها كلوحة متكاملة.
قد يهمك التعرف على: ما هي أفضل دول عربية ساحلية
ما هو أصل سكان تلمسان
أشارت الدراسات التاريخية إلى أن السكان الأصليين لتلمسان هم الأمازيغ وليس الرومان، ويجب الإشارة إلى أنه لم يكن تلمسان هو اسم المدينة منذ نشأتها،
ولم تتوحد الآراء نحو تفسير هذا الاسم، ففيما يلي سوف نستعرض تفسيرات تلمسان ونذكر أسمائها المختلفة، كما سنقوم بذكر الألقاب التي سميت بها:
سميت المدينة بتلمسان خلال القرن التاسع الميلادي، قام يحيى ابو عزيزي بتفسير اسمها بأنه مشتق من أول مقطع لكلمتين من اللغة الأمازيغية، تلم وتعني تجمع، وسان تعني اثنان، وذلك لكونها جمعت بين مدينتين.
ولم ينل ذلك التفسير إعجاب المستشرق الفرنسي جورج مارصي، فذهب إلى أنها مكونة من تالا وتعني منبع ويمسان وتعني جاف فيصبح اسمها النبع الجاف.
وهناك تفسير آخر ذهب إلى أنها تعني الينابيع، وباختلاف التفسيرات يذهب تفسير العامة بأنها كلمة عربية تعني تجمع الناس.
- بوماريا، كان هذا اسمها خلال العصر الروماني، وتعني المراعي، وذلك لكثرة ما يحيط بها من بساتين وأشجار.
- أغادير ويعتبر أقدم أسماؤها، حيث كان اسمها عندما سكنها الأمازيغ (السكان الأصليين).
- الجدار وكان ذلك في بداية العهد الإسلامي، نظرا لشدة تحصينها.
لقبت بالعديد من الألقاب، ويرجع ذلك للتنوع الشديد في حضارتها وفنونها وهم القابها:
- مدينة الفن والتاريخ، بتنوع المباني الفنية والتاريخية وكثرتها.
- غرناطة أفريقيا.
- لؤلؤة المغرب الكبير.
- عروس المتوسط.
- جوهرة الغرب الجزائري.
أضف إلى معلوماتك: أجمل المدن السياحية في الجزائر تصنيف عالمي شامل في 2023
المظاهر التراثية في تلمسان
تتعدد المظاهر التراثية في تلمسان وذلك لتمسك أهل المدينة بأصولهم العريقة، حيث تتعدد المظاهر لتشمل العادات والتقاليد والطهي
وكذلك الصناعات والحرف اليدوية، والتي تعتمد على الفنون والحس الجمالي، ويعد توفر المواد الخام هو العامل الأساسي لنشأة واستمرار الصناعات اليدوية.
استمرت الأنشطة التقليدية عبر السنوات، وتميز العاملين بها بالمهارة والإبداع والتفرد، وكان ذلك سبباً في إعطاء المدينة رونقاً وطابعاً مختلفا في الأوساط والأسواق المحلية والدولية وذلك لسهولة عملية العرض، كما احتلت صناعات المدينة مكانة خاصة داخل السوق الأوروبي.
تعددت الصناعات لتشمل كلاً من صناعة الزربية، صناعة الأغطية الصوفية، النسيج، صناعة الجلود، صناعة الفخار، صناعة الرخام، صناعة الجبس، صناعة الزي التقليدي، صناعة التحف النحاسية، الصناعة الخشبية والنقش الفني، والعديد من الحرف والصناعات الأخرى.
يعد تمسك قاطني تلمسان بتلك الصناعات على مر العصور وعمل الكثيرين بها ما هو إلا تمسكاً وتفاخراً بتراثهم وهويتهم التي شكلتها السنين.