مدينة إرم ذات العماد هي إحدى المدن القديمة الشهيرة، والتي كثيرًا ما يُثار الجدل وتكثر التساؤلات حولها؛ كونها واحدة من المدن التي ذُكرت في القرآن الكريم، كما أنها من المدن ذات المكانة الرفيعة، وقد ظلت مختفية لفتراتٍ طويلة من الزمن حتى ظن البعض أنها أسطورة غير حقيقية، حتى تم اكتشاف بعض الآثار المتبقية منها مؤخرًا، فما هي قصة هذه المدينة وكيف تم اكتشافها؟ كل ذلك عبر موقع مُحيط.
نبذة عن مدينة إرم ذات العماد
إرم ذات العماد هي مدينة مفقودة أو مخسوفة كما تذكر بعض المصادر، ويقال إنها كانت المسكن والمكان الذي آوى قوم عاد، وهم القوم الذين بعث الله فيهم نبيه هود عليه السلام، لكنهم كذبوه وكفروا برسالته، فعاقبهم الله بالهلاك.
ظل موقع المدينة مجهول حتى فترات الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين، عندما بدأت بعض البعثات العلمية في اكتشاف آثارها وتحديد موقعها بدقة.
موقع مدينة إرم ذات العماد
تقع مدينة إرم ذات العماد في الصحراء المسماه بـ “صحراء الربع الخالي”، والتي تمثل أكبر الصحراوات الرملية المتصلة على مستوى العالم، وتحديدًا في الجزء الجنوبي الشرقي من منطقة شبه الجزيرة العربية.
ووفقًا لخريطة العالم الحالية، فإن صحراء الربع الخالي موزعة بين أربع دول، هي الإمارات والمملكة العربية السعودية وعمان واليمن، لكن الجزء الأكبر منها يقع داخل السعودية.
اقرأ أيضاً المزيد من الآتي: أهم المعلومات حول مدينة حيس اليمنية
إرم ذات العماد في القرآن
وقد أشار القرآن إلى هذه المدينة وقصتها في سورة الفجر: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)”،
وقيل في تفسير تلك الآيات إن عادًا كانوا قومًا متجبرين ومتمردين، أعطاهم الله قوةً وضخامة كبيرة في أجسادهم، لكنهم أساءوا استخدامها.
فكانوا يعبدون الأصنام، وكان لهم ثلاثة من الأصنام يعبدونها من دون الله؛ وهم الهباء وصداء وصنم ثالث يسمى صمود، وقد بعث الله فيهم نبيه هود ليدعوهم إلى عبادة الله، لكنهم خالفوه ولم يصدقوه، فأهلكهم الله برياحٍ قوية، وخسف مدينتهم.
أما الآيتين الكريمتين”إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ(7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)” فتشير إلى”إرم” المدينة ذات البناء الرفيع القوي، والذي تدل قوته وضخامته أيضًا على قوة وضخامة أصحابه،
كما سبق وأشرنا، وقد جعلهم القرآن عبرة ودليلًا على قدرة الله بعد أن تبدل بهم الحال من القوة إلى الخسف والهلاك.
كيف تم اكتشاف مدينة إرم ذات العماد؟
في أواخر القرن الماضي، اكتشفت بعثة أمريكية أرسلتها وكالة ناسا، منطقة تقع تحت الرمال، وتحديدًا الرمال الموجودة بين عدن وعمان، وهي منطقة تحمل اسم “الشيصار”.
وقد لاحظ العلماء وجود العديد من الأنهار والمجاري المائية الجافة في تلك المنطقة، والمدفونة أسفل رمال ما يُسمى بالحزام الصحراوي، الذي يمتد من دولة موريتانيا غربًا وحتى وسط آسيا شرقًا.
بعد دراسة دقيقة ومستفيضة للمكان وطبيعته، توصل عدد من العلماء إلى أن هذه المنطقة هي آثار عاصمة قوم عاد، التي أسماها القرآن الكريم “إرم”، وقد قدَّر العلماء عمرها بأكثر من 5 آلاف عام.
وكان من نتائج هذا الاكتشاف؛ تشكيل فريق بحثي من تخصصات مختلفة للتدقيق في الأمر، حتى إن كثير من الصحف العالمية والأمريكية كتبت تتحدث عن هذا الاكتشاف الكبير، ومنها مجلة التايم الأمريكية، التي قالت إنه “تم اكتشاف قلعة ذات جدران سميكة، وأبراج في كافة زواياها.
وقد أقيمت هذه المدينة على عدد من الأعمدة الضخمة التي يبلغ ارتفاع الواحد منها 9 أمتار، وأنه من المرجح أن تكون هذه المدينة هي التي وصفها القرآن بـ إرم”
قد يهمك الاطلاع على المزيد من المعلومات من خلال ما يلي: أهم المعلومات حول مدينة حيدرة
قصة بناء مدينة إرم ذات العماد
أما عن قصة بناء مدينة إرم ذات العماد، والسبب في جعل بنائها بهذه القوة والضخامة، فيذكر أن عاد كان له اثنان من الأبناء، أحدهما يُسمى شداد والآخر شديد،
وقد ورثا بعد وفاة ووالدهما ملكه الكبير، وكان ضخمي الجثة ومتجبرَين في الأرض، وبعد وفاة الأخ الأكبر شديد، تملك شداد حكم البلاد.
ولأن شداد كان يحب القراءة والاطلاع كثيرًا، خصوصًا قراءة الكتب الدينية القديمة، فقد وقعت عينه ذات مرة على بعض أوصاف الجنة التي أعدها الله لعباده المؤمنين،
فقرر شداد أن يبني مدينة تشبه هذه الجنة في الأرض، وقد أخبر أمراءه ومسئوليه بهذه الرغبة، ووقع الاختيار على قطعة أرض من بين أفضل أراضي اليمن للبناء عليها.
ثم عمد شداد إلى استخدام أفضل المعدات وأغلاها في بناء المدينة، فجمع الياقوت والجواهر واللآلئ، كما استخدم العمدان القوية، حتى أتم بناءها بتلك القوة والضخامة.
يُمكنك إثراء معلوماتك من خلال الآتي: أهم المعلومات حول مدينة الجنينة
هلاك مدينة إرم ذات العماد
لم يصدق قود عاد نبيهم هود الذي أرسله الله لدعوتهم لعبادته، مثلما فعل غيرهم من الأقوام، وقد أشار القرآن إلى ردهم عليه،
نتيجة لكفرهم وتكذيبهم، أنزل الله عقابه بهم، فمنع عنهم المطر ثلاث سنوات متواصلة، فأرسلوا وفدًا مكونًا من 70 رجلًا إلى البيت الحرام يطلبون المطر، فأرسل الله عليهم سحابة سوداء ورياح شديدة لمدة ثمانية أيام حتى أهلكتهم ودمرت مدينتهم.
تابع قراءة المزيد حول: أهم المعلومات حول مدينة الهفوف في السعودية
وبالإضافة للعمدان القوية المتبقية من مدينة إرم ذات العماد، التي تعد دليلًا على قوتها، فإن المدينة شكلت مركزًا تجاريًا كبيرًا وهامًا في مناطق الشرق القديم،
وفق ما ذكرته بعض المصادر، كما أشارت هذه المصادر إلى أنه بعد هلاك المدينة تركها نبي الله هود عليه السلام ليسكن “حضرموت”، التي مات ودُفن بها.